.................................................................................................
______________________________________________________
منة على الخلق ، وأما في الدين فهو أن يرى الناس هالكين ويرى نفسه ناجيا وهو الهالك تحقيقا مهما رأى ذلك ، قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : إذا سمعتم الرجل يقول : هلك الناس فهو أهلكهم ، وروي أن رجلا في بني إسرائيل يقال له خليع بني إسرائيل لكثرة فساده ، مر برجل آخر يقال له عابد بني إسرائيل ، وكان على رأس العابد غمامة تظله لما مر الخليع به ، فقال الخليع في نفسه : أنا خليع بني إسرائيل وهذا عابد بني إسرائيل فلو جلست إليه لعل الله يرحمني فجلس إليه ، فقال العابد في نفسه : أنا عابد بني إسرائيل كيف يجلس إلى؟ فأنف منه ، وقال له : قم عني ، فأوحى الله إلى نبي ذلك الزمان مر هما فليستأنفا العمل فقد غفرت للخليع وأحبطت عمل العابد وفي حديث آخر : فتحولت الغمامة إلى رأس الخليع.
وهذه آفة لا ينفك عنها أحد من العباد إلا من عصمه الله ، لكن العلماء والعباد في آفة الكبر على ثلاث درجات :
الدرجة الأولى : أن يكون الكبر مستقرا في قلبه يرى نفسه خيرا من غيره إلا أنه يجتهد ويتواضع ويفعل فعل من يرى غيره خيرا من نفسه ، وهذا قد رسخت في قلبه شجرة الكبر ولكنه قطع أغصانها بالكلية.
الثانية : أن يظهر ذلك على أفعاله بالترفع في المجالس والتقدم على الأقران وإظهار الإنكار على من يقصر في حقه ، وأدنى ذلك في العالم أن يصعر خده للناس كأنه معرض عنهم ، وفي العابد أن يعبس وجهه ويقطب جبينه كأنه متنزه عن الناس مستقذر لهم أو غضبان عليهم ، وليس يعلم المسكين أن الورع ليس في الجبهة حتى يقطبها ، ولا في الوجه حتى يعبس ، ولا في الخد حتى يصعر ، ولا في الرقبة حتى يطأطئ ، ولا في الذيل حتى يضم ، إنما الورع في القلوب ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : التقوى هيهنا ، وأشار إلى صدره.
وهؤلاء أخف حالا ممن هو في المرتبة الثالثة ، وهو الذي يظهر الكبر على