.................................................................................................
______________________________________________________
ما ترى فيما أحدث الناس من الملبس والمشرب والمركب والمطعم؟ فقال : يا ابن أخي كل لله وأشرب لله ، وكل شيء من ذلك دخله زهوا (١) ومباهاة أو رياء وسمعة فهو معصية وسرف ، وعالج في بيتك من الخدمة ما كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يعالج في بيته ، كان يعلف الناضح (٢) ويعقل البعير ويقم البيت (٣) ويحلب الشاة ، ويخصف النعل ويرقع الثوب ويأكل مع خادمه ويطحن عنه إذا أعيى ، ويشتري الشيء من السوق ولا يمنعه الحياء أن يعلقه بيده أو يجعله في طرف ثوبه ، فينقلب إلى أهله ، يصافح الغني والفقير والصغير والكبير ، ويسلم مبتدئا على كل من استقبله من صغير أو كبير ، أسود أو أحمر حر أو عبد من أهل الصلاة ، ليست له حلة لمدخله وحلة لمخرجه ، لا يستحيي من أن يجيب إذا دعي ، وإن كان أشعث أغبر ، ولا يحقر ما دعي إليه وإن لم يجد إلا حشف الدقل (٤) لا يرفع غداءا لعشاء ، ولا عشاء لغداء ، هين المؤنة ، لين الخلق ، كريم الطبيعة ، جميل المعاشرة ، طلق الوجه ، بساما من غير ضحك ، محزونا من غير عبوس ، شديدا في غير عنف ، متواضعا من غير مذلة ، جوادا من غير سرف ، رحيما بكل ذي قربى ، قريبا من كل ذمي ومسلم ، رقيق القلب ، دائم الإطراق لم يبشم قط من شبع (٥) ولا يمد يده إلى طمع.
قال أبو سلمة : فدخلت على عائشة فحدثتها كل هذا عن أبي سعيد فقالت : ما أخطأ فيه حرفا ، ولقد قصر إذ ما أخبرك أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يمتلئ قط شبعا ، ولم يبث إلى أحد شكوى ، وأن كانت الفاقة أحب إليه من اليسار والغني ،
__________________
(١) الزهر : الفخر والكبر.
(٢) الناضح : البعير يستقى عليه.
(٣) قم البيت : كنسه.
(٤) الحشف : اردء التمر أو اليابس الفاسد منه ، والدقل أيضا بمعناه.
(٥) بشم من الطعام : أتخم.