فقيل لها تنحي عن طريق رسول الله فقالت إن الطريق لمعرض فهم بها بعض
______________________________________________________
والسرقين بكسرهما الزبل معربا سرگين بالفتح « فقيل لها : تنحى » بالتاء والنون والحاء المشددة كلها مفتوحة والياء الساكنة ، أمر الحاضرة من باب التفعل ، أي ابعدي « لمعرض » على بناء المفعول من الأفعال أو التفعيل ، وقد يقرأ على بناء الفاعل من الأفعال فعلى الأولين من قولهم أعرضت الشيء وعرضته أي جعلته عريضا ، وعلى الثالث من قولهم عرضت الشيء أي أظهرته ، فأعرض أي ظهر ، وهو من النوادر.
« فهم بها » أي قصدها « أن يتناولها » أي يأخذها فينحيها قسرا عن طريقه صلىاللهعليهوآلهوسلم أو يشتمها من قولهم : نال من عرضه أي شتمه ، والأول أظهر « فإنها جبارة » أي متكبرة ، وذلك خلقها لا يمكنها تركه ، أو إذا قهرتموها يظهر منها أكثر من ذلك من البذاء والفحش ، قال في النهاية فيه : أنه أمر امرأة فتأبت فقال : دعوها فإنها جبارة ، أي متكبرة عاتية ، وقال الراغب : أصل الجبر إصلاح الشيء بضرب من القهر وتجبر ، يقال إما لتصور معنى الاجتهاد ، أو للمبالغة أو لمعنى التكلف ، والجبار في صفة الإنسان يقال : لمن يجبر نقيصته بادعاء منزلة من التعالي لا يستحقها ، وهذا لا يقال إلا على طريق الذم كقوله تعالى : « وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ » (١) « وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا » (٢) « إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ » (٣) « كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ » (٤) أي متعال عن قبول الحق والإذعان له ، وأما في وصفه تعالى « نحو « الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ » (٥) فقد قيل : سمي بذلك من قولهم
__________________
(١) سورة إبراهيم : ١٥.
(٢) سورة مريم : ٣٢.
(٣) سورة المائدة : ٢٢.
(٤) سورة غافر : ٣٥.
(٥) سورة الحشر : ٢٣.