الناس من كل جنس والكبر رداء الله فمن نازع الله عز وجل رداءه لم يزده الله إلا سفالا إن رسول الله صلىاللهعليهوآله مر في بعض طرق المدينة وسوداء تلقط السرقين
______________________________________________________
إن كان دنيا أو من كل جنس من أجناس سبب التكبر من الأسباب التي أشرنا إليها سابقا والأول أظهر كما يومئ إليه قصة السوداء « والكبر رداء الله » قال في النهاية في الحديث قال الله تبارك وتعالى : العظمة إزاري والكبرياء ردائي ، ضرب الإزار والرداء مثلا في انفراده بصفة العظمة والكبرياء ، أي ليستا كسائر الصفات التي قد يتصف بها الخلق مجازا كالرحمة والكرم وغيرهما ، وشبههما بالإزار والرداء لأن المتصف بهما يشملانه كما يشمل الرداء الإنسان ، ولأنه لا يشاركه في إزاره وردائه أحد ، فكذلك الله لا ينبغي أن يشركه فيهما أحد ، ومثله الحديث الآخر تأزر بالعظمة وتردى بالكبرياء وتسربل بالعز ، انتهى.
قال بعض شراح صحيح مسلم : الإزار الثوب الذي يشد على الوسط ، والرداء الذي يمد على الكتفين ، وقال محيي الدين : وهما لباس ، واللباس من خواص الأجسام ، وهو سبحانه ليس بجسم ، فهما استعارة للصفة التي هي العزة والعظمة ، ووجه الاستعارة أن هذين الثوبين لما كانا مختصين بالناس ولا يستغني عنهما ولا يقبلان الشركة وهما جمال عبر عن العز بالرداء ، وعن الكبر بالإزار ، على وجه الاستعارة المعروفة عند العرب ، كما يقال : فلان شعاره الزهد ، ودثاره التقوى لا يريدون الثوب الذي هو شعار ودثار ، بل صفة الزهد ، كما يقولون : فلان غمر الرداء واسع العطية ، فاستعاروا لفظ الرداء للعطية ، انتهى.
« لم يزده الله إلا سفالا » أي في أعين الخلق مطلقا غالبا على خلاف مقصوده كما سيأتي ، وفي أعين العارفين والصالحين أو في القيامة كما سيأتي أنهم يجعلون في صور الذر « تلقط » كننصر أو على بناء التفعل بحذف إحدى التائين ، في القاموس : لقطه أخذه من الأرض كالتقطه وتلقطه ، التقطه من هيهنا وهيهنا وقال : السرجين