أبي عبد الله عليهالسلام قال ما من عبد إلا وفي رأسه حكمة وملك يمسكها فإذا تكبر قال له اتضع وضعك الله فلا يزال أعظم الناس في نفسه وأصغر الناس في أعين الناس وإذا تواضع رفعه الله عز وجل ثم قال له انتعش نعشك الله فلا يزال أصغر
______________________________________________________
وقال الجوهري : حكمة اللجام ما أحاط بالحنك وقال في النهاية : يقال : أحكمت فلانا أي منعته ومنه سمي الحاكم لأنه يمنع الظالم وقيل : هو من حكمت الفرس وأحكمته إذا قدعته وكففته ، ومنه الحديث : ما من آدمي إلا وفي رأسه حكمة ، وفي رواية في رأس كل عبد حكمه إذا هم بسيئة فإن شاء الله أن يقدعه بها قدعه ، الحكمة : حديدة في اللجام تكون على أنف الفرس ، وحنكه تمنعه عن مخالفة راكبه ، ولما كانت الحكمة تأخذهم الدابة ، وكان الحنك متصلا بالرأس جعلها تمنع من هي في رأسه كما تمنع الحكمة الدابة ، ومنه الحديث : إن العبد إذا تواضع رفع الله حكمته أي قدره ومنزلته ، يقال : له عندنا حكمه أي قدر ، وفلان عالي الحكمة ، وقيل : الحكمة من الإنسان أسفل وجهه ، مستعار من موضع حكمة اللجام ، ورفعها كناية عن الإعزاز لأن في صفة الذليل تنكيس رأسه ، انتهى.
وقيل : المراد بالحكمة هنا الحالة المقتضية لسلوك سبيل الهداية على سبيل الاستعارة ، وبإمساك الملك إياها إرشاده إلى ذلك السبيل ونهيه عن العدول عنه « اتضع » أمر تكويني أو شرعي « وضعك الله » دعاء عليه ودعاء الملك مستجاب ، أو إخبار بأن الله أمر بوضعك وقدر مذلتك « رفعها الله » (١) أي الحكمة وإنما غير الأسلوب ولم ينسبها إلى الملك لأن نسبة الخير واللطف إلى الله تعالى أنسب وإن كان الكل بأمره تعالى ، وقيل : هو التنبيه على أن الرفع مترتب على التواضع من غير حاجة إلى دعاء الملك ، بخلاف الوضع فإنه غير مترتب على التكبر ما لم
__________________
(١) وفي المتن « رفعه الله » وهو الظاهر.