الناس في نفسه وأرفع الناس في أعين الناس.
١٧ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن بعض أصحابه ، عن النهدي ، عن يزيد بن إسحاق شعر ، عن عبد الله بن المنذر ، عن عبد الله بن بكير قال قال أبو
______________________________________________________
يدعو الملك عليه بالوضع ، وما ذكرنا أنسب.
« ثم قال له » أي الرب تعالى أو الملك « انتعش » يحتمل الوجهين المتقدمين يقال : نعشه الله كمنعه وأنعشه أي إقامة ورفعه ، ونعشه فانتعش أي رفعه فارتفع « نعشك الله » هذا أيضا إما إخبار بما وقع من الرفع ، أو دعاء له على التأكيد أو دعاء له بالثبات والاستمرار.
وأقول : هذا الخبر في طريق العامة هكذا ، قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما من أحد إلا ومعه ملكان وعليه حكمة يمسكانه بها ، فإن هو رفع نفسه جبذاها (١) ثم قالا : اللهم ضعه ، وإن وضع نفسه قالا : اللهم ارفعه.
الحديث السابع عشر والثامن عشر : مرسلان متقاربان في المضمون.
وفي النهاية فيه : أنك امرؤ تائه أي متكبر أو ضال متحير ، وقد تاه يتيه تيها إذا تحير وضل وإذا تكبر ، انتهى.
« أو تجبر » يمكن أن يكون الترديد من الراوي وإن كان منه عليهالسلام فيدل على فرق بينهما في المعنى كما يومئ إليه قوله تعالى : « الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ » (٢) وفي الخبر إيماء إلى أن التكبر أقوى من التجبر ، ويمكن أن يقال في الفرق بينهما أن التجبر يدل على جبر الغير وقهره على ما أراد ، بخلاف التكبر فإنه جعل نفسه أكبر وأعظم من غيره وإن كانا متلازمين غالبا.
ثم اعلم أن الخبرين يحتملان وجوها : الأول أن يكون المراد أن التكبر ينشأ من دناءة النفس وخستها ورداءتها.
__________________
(١) جبذه : جذبه.
(٢) سورة الحشر : ٢٣.