قال إن الله علم أن الذنب خير للمؤمن من العجب ولو لا ذلك ما ابتلي مؤمن بذنب أبدا.
______________________________________________________
له ونعمة منه تعالى عليه وكان مع ذلك خائفا من نقصها مشفقا من زوالها ، طالبا من الله الازدياد منها ، لم يكن ذلك الابتهاج عجبا ، وإن كان من حيث كونها صفته وقائمة به ومضافة إليه فاستعظمها وركن إليها ورأى نفسه خارجا عن حد التقصير ، وصار كأنه يمن على الله سبحانه بسببها ، فذلك هو العجب ، انتهى.
والخبر يدل على أن العجب أشد من الذنب أي من ذنوب الجوارح ، فإن العجب ذنب القلب ، وذلك لأن الذنب يزول بالتوبة ويكفر بالطاعات ، والعجب صفة نفسانية يشكل إزالتها ، ويفسد الطاعات ويهبطها عن درجة القبول ، والعجب آفات كثيره فإنه يدعو إلى الكبر كما عرفت ، ومفاسد الكبر ما عرفت بعضها ، وأيضا العجب يدعو إلى نسيان الذنوب وإهمالها ، فبعض ذنوبه لا يذكرها ولا يتفقدها لظنه أنه مستغن عن تفقدها فينساها ، وما يتذكر منها فيستصغرها فلا يجتهد في تداركها ، وأما العبادات والأعمال فإنه يستعظمها ويبتهج بها ويمن على الله بفعلها وينسى نعمة الله عليه بالتوفيق والتمكين منها ، ثم إذا أعجب بها عمي عن آفاتها ، ومن لم يتفقد آفات الأعمال كان أكثر سعيه ضائعا فإن الأعمال الظاهرة إذا لم تكن خالصة نقية عن الشوائب قلما ينفع ، وإنما يتفقد من يغلب عليه الإشفاق والخوف دون العجب ، والمعجب يغتر بنفسه وبربه ويأمن مكر الله وعذابه ، ويظن أنه عند الله بمكان وأن له على الله منة وحقا بأعماله التي هي نعمة من نعمه وعطية من عطاياه ، ثم إن إعجابه بنفسه ورأيه وعلمه وعقله يمنعه من الاستفادة والاستشارة والسؤال ، فيستنكف من سؤال من هو أعلم منه ، وربما يعجب بالرأي الخطإ الذي خطر له فيصر عليه وآفات العجب أكثر من أن تحصى.