فالشرك وأما الظلم الذي يغفره فظلم الرجل نفسه فيما بينه وبين الله وأما الظلم الذي لا يدعه فالمداينة بين العباد.
٢ ـ عنه ، عن الحجال ، عن غالب بن محمد عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عز وجل : « إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ » (١) قال قنطرة على الصراط لا يجوزها عبد بمظلمة.
______________________________________________________
كما قال عز وجل : « إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ » (٢).
« وأما الظلم الذي يغفره » أي يمكن أن يغفره بدون التوبة كما قال « لِمَنْ يَشاءُ » « وأما الظلم الذي لا يدعه » أي لا يترك مكافأته في الدنيا أو الأعم ، ولعل التفنن في العبارة لأنه ليس من حقه سبحانه حتى يتعلق به المغفرة ، أو المعنى لا يدع تداركه للمظلوم إما بالانتقام من الظالم أو بالتعويض للمظلوم ، فلا ينافي الأخبار الدالة على أنه إذا أراد تعالى أن يغفر لمن عنده من حقوق الناس يعوض المظلوم حتى يرضى « والمداينة بين العباد » أي المعاملة بينهم كناية عن مطلق حقوق الناس ، فإنها تترتب على المعاملة بينهم أو المراد به المحاكمة بين العباد في القيامة ، فإن سببها حقوق الناس ، قال الجوهري : داينت فلانا إذا عاملته فأعطيت دينا وأخذت بدين ، والدين الجزاء والمكافاة ، يقال : دانه دينا أي جازاه.
الحديث الثاني : مرسل « إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ » قال في المجمع : المرصاد الطريق ، مفعال من رصده يرصده رصدا رعي ما يكون منه ليقابله بما يقتضيه أي عليه طريق العباد ، فلا يفوته أحد ، والمعنى أنه لا يفوته شيء من أعمالهم لأنه يسمع ويرى جميع أقوالهم وأفعالهم كما لا يفوت من هو بالمرصاد ، وروي عن علي عليهالسلام أنه قال : معناه إن ربك قادر على أن يجزي أهل المعاصي جزاءهم.
__________________
(١) سورة الفجر : ١٤.
(٢) سورة النساء : ٤٨.