لا يؤثر عبد هواه على هواي إلا شتت عليه أمره ولبست عليه دنياه وشغلت قلبه بها ولم أؤته منها إلا ما قدرت له وعزتي وجلالي وعظمتي ونوري وعلوي
______________________________________________________
« لا يؤثر » أي لا يختار « عبد هواه » أي ما يحبه ويهواه « على هواي » أي على ما أرضاه وأمرت به « إلا شتت عليه أمره » على بناء المجرد أو التفعيل ، في القاموس : شت يشت شتا وشتاتا وشتيتا فرق وافترق كانشت وتشتت ، وشتته الله وأشته.
وأقول : تشتت أمره إما كناية عن تحيره في أمر دينه فإن الذين يتبعون الأهواء الباطلة ، في سبل الضلالة يتيهون وفي طرق الغواية يهيمون ، أو كناية عن عدم انتظام أمور دنياهم فإن من اتبع الشهوات لا ينظر في العواقب فيختل عليه أمور معاشه ويسلب الله البركة عما في يده أو الأعم منهما ، وعلى الثاني الفقرة الثانية تأكيد وعلى الثالث تخصيص بعد التعميم.
« ولبست عليه دنياه » أي خلطتها أو أشكلتها وضيقت عليه المخرج منها ، قال في المصباح : لبست الأمر لبسا من باب ضرب خلطته ، وفي التنزيل « وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ » (١) والتشديد مبالغة ، وفي الأمر لبس بالضم ولبسة أيضا إشكال ، والتبس الأمر أشكل ، ولابسته بمعنى خالطته ، وقال الراغب : أصل اللبس ستر الشيء ، ويقال ذلك في المعاني ، يقال : لبست عليه أمره ، قال تعالى : « وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ » « وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ » (٢) « لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ » (٣) « الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ » (٤) ويقال في الأمر لبسة أي التباس ولابست فلانا خالطته.
« وشغلت قلبه بها » أي هو دائما في ذكرها وفكرها غافلا عن الآخرة وتحصيلها
__________________
(١) سورة الأنعام : ٩.
(٢) سورة البقرة : ٤٢.
(٣) سورة آل عمران : ٧١.
(٤) سورة الأنعام : ٨٢.