.................................................................................................
______________________________________________________
كاذب لأجل غرض المفاخرة وهو غرض باطل فلا فائدة فيه.
نعم المعاريض يباح لغرض خفيف كتطييب قلب الغير بالمزاح كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا تدخل الجنة عجوز ، وفي عين زوجك بياض ، ونحملك على ولد البعير ، فأما الكذب الصريح فكما يعتاده الناس من مداعبة الحمقاء بتغريرهم بأن امرأة قد رغبت في تزويجك ، فإن كان فيه ضرر يؤديه إلى إيذاء قلب فهو حرام ، وإن لم يكن إلا مطائبة فلا يوصف صاحبها بالفسق ولكن ينقص ذلك من درجة إيمانه ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا يستكمل المرء الإيمان حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، وحتى يجتنب الكذب في مزاحه ، وأما قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن الرجل ليتكلم بالكلمة يضحك بها الناس يهوي بها أبعد من الثريا ، أراد به ما فيه غيبة مسلم أو إيذاء قلب دون محض المزاح.
ومن الكذب الذي لا يوجب الفسق ما جرت به العادة في المبالغة كقوله : قلت لك كذا مائة مرة ، وطلبتك مائة مرة فإنه لا يراد بها تفهيم المرات بعددها ، بل تفهيم المبالغة ، فإن لم يكن طلبه إلا مرة واحدة كان كاذبا وإن طلب مرات لا يعتاد مثلها في الكثرة فلا يأثم وإن لم يبلغ مائة ، وبينهما درجات يتعرض مطلق اللسان بالمبالغة فيها لخطر الكذب.
ومما يعتاد الكذب فيه ويتساهل به أن يقال : كل الطعام فيقول : لا أشتهيه وذلك منهي عنه وهو حرام وإن لم يكن فيه غرض صحيح ، قال مجاهد : قالت أسماء بنت عميس (١) : كنت صاحبة عائشة التي هيئتها وأدخلتها على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومعي
__________________
(١) اسماء بنت عميس زوجة جعفر بن ابيطالب ( عليهالسلام ) ، وكانت ممن هاجر مع زوجه جعفر الى حبشة قبل زفاف عايشة بسنوات ، وأقامت في تلك البلاد الى سنة سبع من الهجرة وزفاف عايشة وقع في السنة الأولى من الهجرة ، فهذه اما امرأة اخرى اسمها أسماء كأسماء بنت يزيد ، أوهى سلمى بنت عميس زوجة حمزة بن عبد المطلب اختها وصحفت بيد الرواة والنسّاخ ، ونظير هذا.