من الإيمان وتفصى منه فليس يعود فيه حتى يتوب فإذا تاب تاب الله عليه وإن عاد أدخله الله نار جهنم.
فأما أصحاب المشأمة فهم اليهود والنصارى يقول الله عز وجل : « الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ » (١) يعرفون محمدا والولاية في التوراة والإنجيل كما
______________________________________________________
بمعنى البعض ، أو نقص شيء منه فيكون فاعلا ، وعلى الثاني يكون مفعولا « وتفصى منه » بالفاء أي خرج من الإيمان أو خرج الإيمان منه ، في القاموس : أفصى تخلص من خير أو شر كتفصى ، وفي النهاية : يقال تفصيت من الأمر تفصيا إذا خرجت منه وتخلصت ، وربما يقرأ بالقاف أي بعد منه وهو تصحيف.
« وإن عاد » أي من غير توبة على وجه الإصرار ، وقيل : هو من العادة « أدخله الله نار جهنم » أي يستحق ذلك ويدخله إن لم يعف عنه ، لكن يخرجه بعد ذلك إلا أن يصير مستحلا أو تاركا لولاية أهل البيت عليهمالسلام ، ويؤيده أن في البصائر هكذا فإذا مسها انتقص من الإيمان ، ونقصانه من الإيمان ليس بعائد فيه أبدا أو يتوب فإن تاب وعرف الولاية تاب الله عليه ، وإن عاد وهو تارك الولاية أدخله الله نار جهنم.
وأقول : كأنه لم يذكر العود مع الولاية وأبهم ذلك إما لعدم اجتراء الشيعة على المعصية أو لأن الإصرار يصير سببا لترك الولاية غالبا أو أحيانا كما مر.
« فهم اليهود والنصارى » كان ذكرهما على المثال ، والمراد جميع الكفار والمنكرين للعقائد الإيمانية الذين تمت عليهم الحجة ويؤيده ما في رواية جابر حيث قال : وأما ما ذكرت من أصحاب المشيمة فمنهم أهل الكتاب.
« الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ » قال البيضاوي : يعني علماءهم « يَعْرِفُونَهُ » الضمير لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وإن لم يسبق ذكره لدلالة الكلام عليه ، وقيل : للعلم أو القرآن أو التحويل يعني تحويل القبلة « كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ » يشهد للأول أي يعرفونه بأوصافه كمعرفتهم أبنائهم ولا يلتبسون عليهم بغيرهم « وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ
__________________
(١) سورة البقرة : ١٤٦.