.................................................................................................
______________________________________________________
ملكة تبعث على كف النفس عن الأكبر ، مع عدم الإصرار على الأصغر ، والذنوب وإن كانت كلها كبائر عندهم لكن ليس كل كبيرة عندهم مخرجة عن العدالة ، بل الكبيرة التي لم يكف عنها إلى الأصغر منها ، والتي يصر عليها.
نعم يلزم من ظاهر كلامه أن العدالة لا تجامع من الذنوب إلا واحدا هو أصغر من الجميع ، ولعلهم يريدون من الأصغر من كل نوع من أنواع الذنوب وإن كان بعد لا يخلو من إشكال.
ثم لا يخفى أن كلام الشيخ الطبرسي مشعر بأن الذنوب كلها كبائر متفق عليه بين علماء الإمامية ، وكفى بالشيخ ناقلا.
إذا قالت حذام فصدقوها |
|
فإن القول ما قالت حذام (١) |
ولكن صرح بعض أفاضل المتأخرين منهم بأنهم مختلفون وأن بعضهم قائل ببعض الأقوال السالفة ، ونسب هذا القول إلى رئيس الطائفة والشيخ المفيد وابن البراج وأبي الصلاح والمحقق محمد بن إدريس والشيخ أبي علي الطبرسي رضوان الله عليهم ، انتهى كلامه رفع الله مقامه.
وأقول : القول بأن الذنوب كلها كبيرة مخالف لكثير من الآيات والأخبار ، ولعل من قال بهذا القول غرضه المنع عن تحقير الذنب والاستهانة بها كما مر في الأخبار ، فإن معصية الكبير كبيرة ، ومخالفة الرب الجليل جليلة ، ولا ينافي ذلك كون بعضها قادحة في العدالة بنفسها ، وبعضها لا تكون قادحة إلا مع الإصرار عليها ، واجتناب بعضها موجبا للعفو عن بعضها ، كما هو صريح هذه الآية الكريمة ، وأما نسبة هذا القول إلى جميع الأصحاب ففي غاية الوهن ، فإن الشيخ وإن كان ظاهر
__________________
(١) الشعر لسحيم بن صعب و « حذام » امرئته. وذكر في جامع الشواهد قصة طويلة في سبب انشاده ، فراجع إن شئت.