الخمر لأن الله عز وجل نهى عنها كما نهى عن عبادة الأوثان وترك الصلاة متعمدا
______________________________________________________
أيها الشهود أو المديونون ، وشهادتهم إقرارهم على أنفسهم « وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ » أي يأثم قلبه أو قلبه يأثم ، والجملة خبر إن وإسناد الإثم إلى القلب لأن الكتمان تقترفه ، ونظيره : العين زانية والأذن زانية ، أو للمبالغة لأنه رئيس الأعضاء وأفعاله أعظم الأفعال ، وكأنه قيل : تمكن الإثم في نفسه وأخذ أشرف أجزائه وفاق سائر ذنوبه.
وقال الطبرسي (ره) : أضاف الإثم إلى القلب وإن كان الإثم للجملة لأن اكتساب الإثم بكتمان الشهادة يقع بالقلب لأن العزم على الكتمان إنما يقع به ، ولأن إضافة الإثم إلى القلب أبلغ في الذم كما أن إضافة الإيمان إلى القلب أبلغ في المدح ، قال سبحانه : « أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ » (١) انتهى.
وأقول : ثاني الوجهين اللذين ذكراه أوفق بالخبر ، فإن تلك المبالغة مما يستلزم وعيد العذاب والعقاب ، فإنها تشعر بأنها أفحش من أكثر الذنوب ، ويؤثر في القلب الذي هو محل العقائد ويفسده.
ثم اعلم أنه عليهالسلام ذكر شهادة الزور ولم يستدل على كونها كبيرة بشيء ، ويحتمل وجهين « أحدهما » أنها تدل عليها أيضا لأن شهادة الزور إنما تكون غالبا مع العلم بخلافه ، فمن شهد بالزور فقد كتم الشهادة التي عنده « وثانيهما » أنها تدل عليها بالطريق الأولى ، إذ لو كان كتمان الحق والسكون عنه كبيرة كان إظهار خلاف الحق والتكلم به أولى بذلك ، ولذا لم يستدل بقوله تعالى : « وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ » (٢) لأنه لا يدل على التحريم فضلا عن كونه من الذنوب العظيمة ، مع أنه يحتمل أن يكون المراد به لا يحضرون مجالس الباطل بل هو الأظهر ، وقال به الأكثر ، وعن الصادقين عليهماالسلام أنه الغناء ولا بقوله تعالى : « فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ » (٣) لأنه لا يدل على أكثر من
__________________
(١) سورة المجادلة : ٢٢.
(٢) سورة الفرقان : ٧٢.
(٣) سورة الحجّ : ٣٠.