وكتمان الشهادة لأن الله عز وجل يقول : « وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ » (١) وشرب
______________________________________________________
كان لطلب الوجاهة بالغنى والتنعم بالمطاعم الشهية والملابس البهية ، أو لأنهم ازوروا عن السائل وأعرضوا عنه ، وولوه ظهورهم أو لأنها أشرف الأعضاء الظاهرة فإنها المشتملة على الأعضاء الرئيسة التي هي الدماغ والقلب والكبد ، أو لأنها أصول الجهات الأربع التي هي مقاديم البدن ومآخيره وجنبتاه.
وفي المجمع : إنما خص هذه الأعضاء لأنها معظم البدن ، وكان أبو ذر الغفاري يقول : بشر الكانزين بكي في الجباة ، وكي في الجنوب ، وكي في الظهور ، حتى يلتقي الحر في أجوافهم ، ولهذا المعنى الذي أشار أبو ذر خصت هذه المواضع بالكي لأن داخلها جوف بخلاف اليد والرجل ، وقيل : إنما خصت هذه المواضع بالعذاب لأن الجبهة محل الوسم لظهورها والجنب محل الألم ، والظهر محل الحدود ، وقيل : لأن الجبهة محل السجود لظهورها والجنب محل الألم ، والظهور محل الحدود ، وقيل : لأن الجبهة محل السجود فلم يقم فيه بحقه ، والجنب مقابل القلب الذي لم يخلص في معتقده ، والظهر محل الأوزار قال : « يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ » وقيل : لأن صاحب المال إذا رأى الفقير قبض جبهته وزوى ما بين عينيه وطوى عنه كشحه وولاه ظهره.
« هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ » أي يقال لهم في حال الكي أو بعده : هذا جزاء ما كنزتم ، وجمعتم المال ولم تؤدوا حق الله عنها وجعلتموها ذخيرة لأنفسكم « فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ » أي فذوقوا العذاب بسبب ما كنتم تكنزون أي تجمعون وتمنعون حق الله منه ، فحذف لدلالة الكلام عليه وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما من عبد له مال ولا يؤدي زكاته إلا جمع يوم القيامة صفائح (٢) يحمى عليها في نار جهنم فتكوى جبهته وجنباه وظهره حتى يقضي الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار.
« لأن الله عز وجل يقول » الآية هكذا : « وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ » قال البيضاوي
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٨٣.
(٢) جمع الصفيحة : الحجر العريض. الواح الباب.