الوالدين ، وأكل الربا ، والتعرب بعد الهجرة وقذف المحصنات وأكل مال
______________________________________________________
« وأكل الربا » الربا لغة الزيادة ، وشرعا بيع أحد المتماثلين المقدرين بالكيل أو الوزن في عهد صاحب الشرع عليهالسلام أو في العادة ، بالآخر مع زيادة في أحدهما حقيقة أو حكما ، أو اقتراض أحدهما مع الزيادة وإن لم يكونا مقدرين بهما إذا لم يكن باذل الزيادة حربيا ، ولم يكن المتعاقدان والدا مع ولده ولا زوجا مع زوجته ، وتحريمه ثابت بالنص والإجماع ، وهو من أعظم الكبائر الموبقات ، حتى أن الدرهم منه أعظم من سبعين زنية كلها بذات محرم ، رواه هشام بن سالم عن الصادق عليهالسلام والتخصيص بالأكل لأنه أعظم ما يكتسب له حقيقة أو عادة ، على أنه شاع في عرف العرب والعجم إطلاق الأكل على جميع وجوه التصرفات.
« والتعرب بعد الهجرة » قال في النهاية فيه : ثلاث من الكبائر منها التعرب بعد الهجرة ، هو أن يعود إلى البادية ويقيم مع الأعراب بعد أن كان مهاجرا ، وكان من رجع بعد الهجرة إلى موضعه من غير عذر يعدونه كالمرتد ، انتهى.
واعلم أنه اختلف العلماء في أن الهجرة هل تكون بعد فتح مكة أو نسخ وجوبه بعد ذلك كما روي أنه لا هجرة بعد الفتح ، وعلى القول بكونها بعد الفتح ففي أعصار الأئمة الذين جاهدوا كان يجب الهجرة إليهم لنصرتهم ، وفي أعصار سائر الأئمة عليهمالسلام كان يجب الهجرة إليهم لعرض الولاية والنصرة عليهم ، وتعلم الأحكام منهم ، وأما في أعصار الغيبة فالهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام ، ومن بلاد لا يمكن فيها تعلم الأحكام إلى بلاد يتيسر فيها ذلك ، فالتعرب ترك الهجرة بعد الإتيان بها ، ولا ينافي ذلك قوله تعالى : « فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ » (١) لأنه ذكر في الآية
__________________
(١) سورة التوبة : ١٢٢.