.................................................................................................
______________________________________________________
وجهان : أحدهما : أن يكون المراد عدم اتفاقهم على النفور إلى الجهاد ، بل يجب أن يبقى جماعة عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للتفقه وهو الجهاد الأكبر ، فإذا رجع النافرون من الجهاد أنذرهم المتخلفون ، وثانيهما : هو المعنى الظاهر وهو أن ينفر من كل فرقة طائفة فيأتوا النبي أو الإمام عليهماالسلام للتفقه ثم يرجعوا بعد التفقه إلى قومهم لإنذارهم وتعليمهم ، فعلى أول الوجهين عدم التنافي ظاهر ، وعلى الثاني فيمكن أن يقال : التعرب إنما يكون مذموما إذا كان بغير إذن النبي أو الإمام ، فإذا كان بإذن يقال : التعرب إنما يكون مذموما إذا كان بغير إذن النبي أو الإمام ، فإذا كان بإذن أحدهما للإنذار فلا تعرب ، أو يقال التعرب إنما نهي عنه لاستلزامه ترك الدين والبعد عن العلم والآداب ، كما قال تعالى : « الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ » (١) فإذا كان بعد الكمال في الفقه والعلم لا يكون تعربا ، ولذا ورد أن التعرب هو ترك التعلم أو ترك الدين فإن النهي عن التعرب إنما هو لأحدهما وقد مر في كتاب العقل عن أبي عبد الله عليهالسلام : تفقهوا في الدين فإنه من لم يتفقه منكم في الدين فهو أعرابي ، إن الله تعالى يقول في كتابه « لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ».
وقد روي في معاني الأخبار عن حذيفة بن منصور قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : المتعرب بعد الهجرة التارك لهذا الأمر بعد معرفته.
وقال بعض أصحابنا : التعرب بعد الهجرة في زماننا هذا أن يشتغل الإنسان بتحصيل العلم ثم يتركه ويصير منه غريبا. وقال العلامة قدسسره في المنتهى : لما نزل قوله تعالى : « أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها » (٢) أوجب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المهاجرة على من يضعف عن إظهار شعائر الإسلام ، واعلم أن الناس في الهجرة على أقسام ثلاثة : أحدها : من يجب عليه
__________________
(١) سورة التوبة : ٩٧.
(٢) سورة النساء : ٩٧.