.................................................................................................
______________________________________________________
وهو من أسلم في بلاد الشرك ، وكان مستضعفا فيهم لا يمكنه إظهار دينه ولا عذر له من مرض وغيره ، لقوله تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً » (١).
الثاني : من لا يجب عليه لكن يستحب له المهاجرة وهو من أسلم من المشركين وله عشيرة تحميه عن المشركين ، يمكنه إظهار دينه ويكون آمنا على نفسه مع مقامه بين أظهرهم كالعباس ، ولهذا بعث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم الحديبية إلى أهل مكة عثمان لأن عشيرته كانت أقوى بمكة ، وإنما لم يجب عليه المهاجرة لتمكنه من إظهار دينه وعدم مبالاته بهم ، وإنما استحبت له لأن فيه تكثيرا لعددهم ، واختلاطا بهم.
الثالث : من لا تجب عليه ولا تستحب له ، وهو من كان له عذر يمنعه من المهاجرة من مرض أو ضعف أو عدم نفقة أو غير ذلك ، فلا جناح عليه لقوله تعالى : « إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ » (٢) ولأنهم غير متمكنين وكانوا بمنزلة المكرهين ، فلا إثم عليهم ، ولو تجددت له القدرة وجبت عليه المهاجرة.
إذا ثبت هذا فإن الهجرة باقية ما دام الشرك باقيا لوجود المقتضي وهو الكفر الذي يعجز معه من إظهار شعائر الإسلام ، ولما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مشرقها ، وأما ما روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : لا هجرة بعد الفتح ، فله تأويلان : أحدهما : أنه أراد لا هجرة بعد الفتح فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح ، لأن الهجرة قبل الفتح
__________________
(١ و ٢) سورة النساء : ٩٧ ـ ٩٨.