فمن هاله ما بين يديه « نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ » ومن امترى في الدين تردد في الريب وسبقه الأولون من المؤمنين وأدركه الآخرون ووطئته سنابك الشيطان ومن
______________________________________________________
أنهم عليهمالسلام آلاء الله ، فإذا تأملت في آيات تلك السورة عرفت ما ذكره عليهالسلام من الشك. وشعبه حق المعرفة.
« فمن هاله من بين يديه » من الحق والرغبة إلى الآخرة « نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ » إلى الباطل والدنيا كما قال سبحانه : « فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى » الآية.
« ومن امترى في الدين » في القاموس المرية بالكسر والضم الشك والجدل ، وماراه مماراة ومراء وامترى فيه وتمارى شك « تردد في الريب » بالفتح أو بكسر الراء وفتح الباء جمع ريبة كسدرة وسدر ، وهو أظهر أي انتقل من حال إلى حال ومن شك إلى شك آخر من غير ثقة بشيء أو استمرار على أمر كما هو دأب المعتادين بالتشكيك في الأمور « وسبقه الأولون من المؤمنين » أي الذين كانوا في مرتبته من الإيمان ، ولعدم الشك والمرية صعدوا إلى درجات اليقين « وأدركه الآخرون » أي الذين كانوا أخفض مرتبة منه فترقوا إلى مرتبته وهو واقف متحير لا يبرح من درجته الخسيسة لابتلائه بالشك والشبهة.
« ووطئته سنابك الشيطان » السنابك جمع سنبك كقنفذ ، وهو طرف الحافر وهو كناية عن استيلاء الشيطان وجنوده من الجن والإنس عليه وفي « ل » الشياطين « ومن استسلم لهلكة الدنيا والآخرة هلك فيما بينهما » فلم تكن له الدنيا خالصة لزوالها مع ما عليه من العقوبات فيها ، ولم تكن له الآخرة لعدم إتيانه بما ينفعه فيها.
قال بعض المحققين : فيه إشارة إلى أن الطالب للدنيا المستسلم لها هالك ، وأن الطالب للعقبى ونعيمها أيضا هالك ، وللإنسان الموقن شأن وراء ذلك يليق به ، وهو نبذ الدنيا والعقبى وراء ظهره ، والترقي إلى ساحة الوصول أمام دهره ، وروي أن الله تعالى أوحى إلى داود عليهالسلام يا داود أحب الإحياء إلى من عبدني بغير نوال