والوجل والغرة تقصر بالمرء عن العمل.
والحفيظة على أربع شعب على الكبر والفخر والحمية والعصبية فمن استكبر
______________________________________________________
الخوف ، والوجل بالتحريك الفزع وهو من آثار الخوف وتوابعه.
« والغرة » بالمعاني المتقدمة « تقصر بالمرء عن العمل » أي تجعله قاصرا عن كمال العمل مقصرا فيه ، وهو ظاهر وقيل : الفرق بين الغرة والمماطلة أن مع المماطلة شعورا بالعمل ومعرفة بثبوته وحقيته ، بخلاف الغرة ولذلك ذكر التفريط مع المماطلة ، والقصر مع الغرة إذ الشائع في التفريط هو التقصير في الشيء مع العلم به ، انتهى.
وأقول : على ما ذكرنا من معاني الغرة يظهر الفرق بوجوه أخرى كمالا يخفى على المتدبر.
« والحفيظة على أربع شعب على الكبر » وقد مر أنه ترفع الإنسان وتعظمه بادعاء الشرف والعلو على غيره ، أو هو بطر الحق كما مر في الأخبار ، قال في النهاية : هو أن يجعل ما جعله الله حقا من توحيده وعبادته باطلا ، وقيل : هو أن يتجبر عند الحق فلا يراه حقا ، وقيل : هو أن يتكبر عن الحق فلا يقبله « والفخر » وهو إظهار الفرح والكمال بالحسب والنسب والمال ونحوها ، وادعاء العظمة والشرف بذلك ، وأما ذكر آلائه تعالى ونعمائه فليس من الفخر كما قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنا سيد ولد آدم ولا فخر ، أي لا أقوله تبجحا وفخرا ولكن شكر الله تعالى وتحدثا بنعمته. و « الحمية » الأنفة والغيرة قال الراغب : عبر عن القوة الغضبية إذا ثارت وكثرت بالحمية فقيل : حميت على فلان ، أي غضبت عليه ، قال تعالى : « حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ » (١) والعصبة الأقارب من جهة الأب والعصبية حمايتهم والدفع عنهم ، والتعصب المحاماة والمدافعة وهي والحمية من توابع الكبر ، وكان الفرق بينهما أن الحمية للنفس والعصبية للأقارب ، أو الحمية للأهل والعصبية للقبيلة.
__________________
(١) سورة الفتح : ٢٦.