______________________________________________________
نوع من الوسوسة تنقطع بالكلية عن العارفين المستبصرين بنور الإيمان والمعرفة.
الصنف الثاني : أن يكون وسواسه بتحريك الشهوة وتهييجها ، وهذا ينقسم إلى ما يعرف العبد يقينا أنه معصية وإلى ما يظنه بغالب الظن فإن علم يقينا خنس الشيطان عن تهييج يؤثر في التحريك ، ولم يخنس عن التهييج ، وإن كان مظنونا ربما يبقى مؤثرا بحيث يحتاج إلى مجاهدة في دفعه ، فيكون الوسوسة موجودة ، ولكنها مدفوعة غير غالبة.
الصنف الثالث : أن يكون وسواسه بمجرد الخواطر وتذكر الأحوال الغائبة والتفكر في الصلاة في غير أمر الصلاة مثلا ، فإذا أقبل على الذكر تصور أن يندفع ويعود ويعاقب الذكر والوسوسة ، وتصور أن يتساوقا جميعا حتى يكون الفهم مشتملا على فهم معنى القراءة ، وعلى تلك الخواطر كأنهما في موضعين من القلب وبعيد جدا أن يندفع هذا الخنس بالكلية بحيث لا يخطر ، ولكنه ليس محالا إذ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : من صلى ركعتين لم يحدث فيهما بشيء من الدنيا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فلو لا أنه متصور لما ذكره ، إلا أنه لا يتصور ذلك إلا في قلب استولى عليه الحب حتى صار كالمستهتر ولكن ذلك عزيز.
ثم قال : اعلم أن القلب كما ذكرناه مكتنفة بالصفات التي ذكرناها وتنصب إليه الآثار والأحوال من الأبواب التي وصفناها فكأنه هدف يصاب على الدوام من كل جانب ، فإذا أصابه شيء وتأثر به أصابه من جانب آخر ما يضاده فيغير وصفه ، فإن نزل الشيطان به ودعاه إلى الهوي والتفت القلب إليه نزل الملك به وصرفه عنه ، وإن جذبه شيطان إلى شر جذبه شيطان آخر إلى غيره ، وإن جذبه ملك إلى خير جذبه ملك آخر إلى غيره ، فتارة يكون متنازعا بين ملكين ، وتارة بين شيطانين وتارة بين ملك وشيطان ، ولا يكون قط مهملا ، وإليه الإشارة بقوله