______________________________________________________
الشهوة في القلب حتى لا يبقى للقلب إمكان التوقف والاستبصار ، ولو بصره واعظ وأسمعه ما هو الحق فيه عمى عن الفهم ، وصم عن السمع ، وهاجت الشهوة ونشط الشيطان وتحركت الجوارح على وفق الهوى ، وظهرت المعصية إلى عالم الشهادة من خزائن الغيب بقضاء من الله وقدره.
وإلى مثل هذا القلب الإشارة بقوله تعالى : « أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً ، أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً » (١) وبقوله عز وجل : « لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ » (٢) إلى قوله : « أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ » ورب قلب هذا حاله بالإضافة إلى جميع الشهوات ، ورب قلب هذا حاله بالإضافة إلى بعض الشهوات ، كالذي يتورع عن بعض الأشياء ولكنه إذا رأى وجها حسنا لا يملك عينه وقلبه وطاش عقله وسقط مساك قلبه ، أو كالذي لا يملك لنفسه عند الغضب مهما استحقر وأذكر عيب من عيوبه ، أو كالذي لا يملك نفسه عند القدرة على أخذ درهم أو دينار بل يتهالك عليه تهالك الواله المستهتر فتنسرح منه المروة والتقوى.
وكل ذلك لتصاعد دخان الهوي إلى القلب حتى يظلم وينطفئ منه أنوار البصيرة ، فينطفي منه نور الحياة والمروة والإيمان ، ويسعى في تحصيل مراد الشيطان.
القلب الثالث : قلب يبتدأ فيه خواطر الهوى ، فيدعوه إلى الشر فيلحقه خاطر الإيمان ، فيدعوه إلى الخير فتنبعث النفس بشهواتها إلى نصرة خاطر الشر وتحس التمتع والتنعم فينبعث العقل إلى خاطر الخير ، ويدفع في وجه الشهوة ويقبح فعلها وينسبها إلى الجهل ، ويشبهها بالبهيمة والسبع في تهجمها على الشر ، وقلة اكتراثها بالعواقب.
__________________
(١) سورة الفرقان : ٤٤.
(٢) سورة يس : ٧.