______________________________________________________
كالخبث على وجه المرآة إذا تراكم بعضه فوق بعض ، وطال مكثه وغاص في جرمها ، وأفسدها فصار لا تقبل الصيقل أبدا.
وقد يعبر عن هذا القلب بالقلب المنكوس والقلب الأسود كما مر في الخبر. أنه يصير أعلاه أسفله ، وفي خبر آخر إن تمادى في الذنوب زاد السواد حتى يغطى البياض فإذا غطى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبدا وهو قول الله عز وجل : « كَلاَّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ » (١) فقوله : لم يرجع صاحبه إلى خير أبدا يدل على أن صاحب هذا القلب لا يرجع عن المعاصي ولا يتوب منها أبدا ، ولو قال بلسانه تبت إلى الله يكون هذا القول مجرد تحريك اللسان من دون موافقة القلب ، فلا أثر له أصلا كما أن قول القصار : غسلت الثوب لا يصير الثوب نقيا من الأوساخ.
وربما يؤول حال صاحب هذا القلب إلى عدم المبالاة بأوامر الشريعة ونواهيها فيسهل أمر الدين في نظره ويزول وقع الأحكام الإلهية من قلبه ، وينفر عن قبولها طبعه ، وينجر ذلك إلى اختلاف عقيدته وزوال إيمانه ، فيموت على غير الملة وهو المعبر عنه بسوء الخاتمة نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
الثالثة : سقوط العقاب بالتوبة مما أجمع عليه أهل الإسلام ، وإنما الخلاف في أنه هل يجب علي الله حتى لو عاقب بعد التوبة كان ظلما أو هو تفضل يفعله سبحانه كرما منه ورحمة بعبادة؟ المعتزلة على الأول ، والأشاعرة على الثاني وإليه ذهب الشيخ أبو جعفر الطوسي قدسسره في كتاب الاقتصاد ، والعلامة رحمهالله في بعض كتبه الكلامية ، وتوقف المحقق الطوسي طاب ثراه في التجريد.
وقال الطبرسي (ره) في مجمع البيان في تفسير قوله تعالى : « فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ » (٢) في هذه الآية دلالة على أن إسقاط العقاب عند التوبة
__________________
(١) سورة المطفّفين : ١٤.
(٢) سورة غافر : ٧.