متقلص من السكون بأن يجعل الشمس مقيمة على وضع واحد. « ثم جعلنا الشمس عليه دليلا » فإنه لايظهر للحس حتى تطلع فيقع ضوؤها على بعض الاجرام إذ لايوجد ولايتفاوت إلا بسبب حركتها « ثم قبضناه إلينا » أي أزلناه بإيقاع الشعاع موقعه « قبضا يسيرا » أي قليلا قليلا حسب ما ترتفع الشمس لتنتظم بذلك مصالح الكون ويتحصل به ما لايحصى من منافع الخلق ، و « ثم » في الموضعين لتفاضل الامور ، أو لتفاضل مبادئ أوقات ظهورها.
الثانى أن المعنى مد الظل لمابنى السماء بلا نيرودحا الارض تحتها وألقت عليها ظلها « ولو شاء لجعله ثابتا » على تلك الحال ، ثم خلق الشمس عليه دليلا أي مسلطا عليهم مستتبعا إياه كما يستتبع الدليل المدلول ، أو دليل الطريق من يهديه يتفاوت بحركتها ويتحول بتحولها « ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا » شيئا فشيئا إلى أن ينتهى نقصانه ، أو قبضا سهلا عند قيام الساعة بقبض أسبابه من الاجرام المظلة والمظل عليها. وهذان الوجهان ذكرهما البيضاوي وغيره من المفسرين.
الثالث : أن يكون المراد بالظل الروح كما يطلق عالم الظلال على عالم الارواح لانها تابعة للبدن كاظل ، أو لكونها أجساما لطيفة ، أو لتجردها إن قيل به « ولو شاء لجعله ساكنا » بعدم تعلقها بالاجساد ، والمراد بالشمس شمس عالم الوجود وهو الرب تعالى لانه دليل الممكنات إلى الوجود وسائر الكمالات ، و قبضه عبارة عن قبض الروح شيئا فشيئا إلى أن يموت الشخص ، وفي قوله « ثم جعلنا الشمس » نوع التفاوت.
الرابع : أن يراد بالظل الانبياء والاوصياء عليهم السلام فإنهم ظلاله سبحانه لكونهم تابعين لارادته متخلقين بأخلاقه ، وكونهم ظلال رحمته على عباده « ولو شاء لجعله ساكنا » أي لم يبعثهم إلى الخلق « ثم جعلنا الشمس » أي شمس الوجود « عليه دليلا » أي لهم دليلا ، هاديا لهم إلى كمالاتهم ، وقبضه جذبهم إلى عالم القدس.
الخامس : أن يكون المراد بالظلال الاعيان الثابتة والحقائق الامكانية على مذاق الصوفية ، ومدها عبارة عن الفيض الاقدس بزعمهم ، أي جعل الماهيات