من عظيم الغناء والمنفعة ، وكلاهما مع غنائه والمنفعة فيه يؤلم الابدان ويمضها وفي ذلك عبرة لمن فكر ، ودلالة على أنه من تدبير الحكيم في مصلحة العالم و ما فيه.
توضيح : قوله عليه السلام « لايجاوز ذلك » أي في معظم المعمورة ، وفي المصباح : خوت الدار : خلت من أهلها ، وخوت الابل تخوية : خمصت بطونها ، وقال الفيروز آبادي : خوت الدار تهدمت ، والنجوم خيا أمحلت فلم تمطر كأخوت وخوت وقال : المنتكث المهزول ، وقال : الترسل الرفق والتؤدة « انتهى » قوله عليه السلام « ببعد ما بين المشرقين » أي المشرق والمغرب كناية عن عظم الدائرة التي يقطع عليها البروج ، أو مشرق الصيف والشتاء ، والاول اظهر. قوله عليه السلام « الجاسية » أي الصلبة « حتى يتفكه بها » أي يتمتع بها ، والريع : النماء والزيادة ، وقال الجوهري : أمضنني الجرح إمضاضا إذا أوجعك ، وفيه لغة اخرى : مضني الجرح ولم يعرفها الاصمعي (١).
٣٤ ـ توحيد المفضل : قال : قال الصادق عليه السلام : فإن قالوا فلم يختلف فيه أي في ذاته تعالى وصفاته؟ قيل لهم : لقصر الافهام عن مدى عظمته ، وتعديها أقدارها في طلب معرفته ، وأنها تروم الاحاطة به وهي تعجز عن ذلك وما دونه فمن ذلك هذه الشمس التي تراها تطلع على العالم ولايوقف على حقيقة أمرها ، و لذلك كثرت الاقاويل فيها ، واختلفت الفلاسفة المذكورون في وصفها ، فقال بعضهم : هو فلك أجوف مملو نارا له فم يجيش بهذا الوهج والشعاع ، وقال آخرون : هو سحابة ، وقال آخرون : هو جسم زجاجي يقبل نارية في العالم ويرسل عليه شعاعها وقال آخرون : هو صفو لطيف ينعقد من ماء بحر ، وقال آخرون : هو أجزاء كثيرة مجتمعة من النار ، وقال آخرون : هو من جوهر خامس سوى الجواهر الاربع. ثم اختلفوا في شكلها فقال بعضهم : هي بمنزلة صفيحة عريضة ، وقال آخرون : هي كالكرة المدحرجة ، وكذلك اختلفوا في مقدارها فزعم بعضهم أنها مثل الارض
____________________
(١) الصحاح : ج ٣ ، ١١٠٦.