سواء ، وقال آخرون : بل هي أقل من ذلك ، وقال آخرون : بل هي أعظم من الجزيرة العظيمة ، وقال أصحاب الهندسة : هي أضعاف الارض مائة وسبعون مرة ففي اختلاف هذه الاقاويل منهم في الشمس دليل على أنهم لم يقفوا على الحقيقة من أمرها ، وإذا كانت هذه الشمس التي يقع عليها البصر ويدركها الحس قد عجزت العقول عن الوقوف على حقيقتها فكيف ما لطف عن الحس واستتر عن الوهم؟!
بيان : أقول : لعل ما ذكره عليه السلام من قول أصحاب الهندسة قول بعض قدمائهم ، مع أنه قريب من المشهور كما عرفت ، والاختلاف بين قدمائهم ومتأخريهم في أشباه ذلك كثير.
٣٥ ـ توحيد المفضل : قال : قال الصادق عليه السلام فكريا مفضل في طلوع الشمس وغروبها لاقامة دولتي النهار والليل ، فلو لاطلوعها لبطل أمر العالم كله فلم يكن الناس يسعون في معايشهم ، ويتصرفون في امورهم ، والدنيا مظلمة عليهم ولم يكونوا يتهنؤون بالعيش مع فقدهم لذة النور وروحه ، والارب في طلوعها ظاهر مستغن بظهوره عن الاطناب في ذكره ، والزيادة في شرحه ، بل تأمل المنفعة في غروبها ، فلو لاغروبها لم يكن للناس هدوء ولاقرار مع عظم حاجتهم إلى الهدوء والراحة ، لسكون أبدانهم ، وجموم حواسهم ، وانبعاث القوة الهاضمة لهضم الطعام وتنفيذ الغذاء إلى الاعضاء ، ثم كان الحرص سيحملهم من مداومة العمل ومطاولته على ما يعظم نكايته في أبدانهم ، فإن كثيرا من الناس لولا جثوم هذا الليل لظلمته عليهم لم يكن لهم هدوء ولا قرار ، حرصا على الكسب والجمع والادخار ، ثم كانت الارض تستحمي (١) بدوام الشمس بضيائها (٢) وتحمي كل ما عليها من حيوان و نبات ، فقدرها الله بحمته وتدبيره تطلع وقتا وتغرب وقتا ، بمنزلة سراج يرفع لاهل البيت تارة ليقضوا حوائجهم ، ثم يغيب عنهم مثل ذلك ليهدؤوا ويقروا ، فصار
____________________
(١) ستحمى ( خ ).
(٢) وضيائها ( خ ).