حتى تحكم علينا بأحكامهم كالنجوم المنسوبة إلى العرب أو إلى الملوك أو إلى العلماء والاشراف فإنا فوق ذلك كله « نحن ناشئة القطب » أي الفرقة الناشئة المنوسبة إلى القطب. أي حقيقة لثباتهم واستقرارهم في درجات العز والكمال ، أو كناية عن أنهم عليهم السلام غيرمنسوبين إلى الفلك والكواكب ، بل هي منسوبة إليهم وسعادتها بسببهم ، وأنهم قطب الفلك ، إذ الفلك يدور ببركتهم ، وهم أعلام الفلك بهم يتزين ويتبرك ويسعد. ثم ألزم عليه السلام عليه في قوله « انقدح من برجك النيران » بأن للنار جهتين : جهة نور ، وجهة إحراق ، فنورها لنا وإحراقها على عدونا ، ويحتمل أن يكون المراد به أن الله يدفع ضررها عنا بتوسلنا به تعالى وتوكلنا عليه « فهذه مسأله عميقة » أي كوننا ممتازين عن سائر الخلق في الاحكام ، أو كون النيران خيرا لنا وشرا لعدونا ، أو أن التوسل والدعاء يدفع النحوس والبلاء مسألة عميقة خارجة عن قانون نجومك وحسابك ، ويبطل جميع ما تظن من ذلك.
٣ ـ الاحتجاج : عن هشام بن الحكم ، قال سأل الزنديق أبا عبدالله عليه السلام فقال : ما تقول فيمن زعم أن هذا التدبير الذي يظهر في هذا (١) العالم تدبير النجوم السبعة؟ قال عليه السلام : يحتاجون إلى دليل أن هذا العالم الاكبر والعالم الاصغر من تدبير النجوم التي تسبح في الفلك ، وتدور حيث دارت ، متعبة لاتفتر ، وسائرة لاتقف. ثم قال : وإن كل نجم منها موكل مدبر ، فهي بمنزلة العبيد المأمورين المنهيين ، فلو كانت قديمة أزلية لم تتغير من حال إلى حال. قال : فما تقول في علم النجوم؟ قال : هو علم قلت منافعه وكثرت مضراته ، لانه لا يدفع به المقدور ولا يتقى به المحذور ، إن أخبر المنجم بالبلاء لم ينجه التحرز من القضاء ، وإن أخبر هو بخير لم يستطع تعجيله ، وإن حدث به سوء لم يمكنه صرفه ، والمنجم يضاد الله في علمه بزعمه أنه يرد قضاء الله عن خلقه « الخبر » (٢).
٤ ـ مجالس الصدوق : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن محمد بن أبي القاسم
____________________
(١) في المصدر : في العالم.
(٢) الاحتجاج : ١٩١.