عن محمد بن علي القرشي عن نصر بن مزاحم ، عن عمر بن سعد ، عن يوسف بن يزيد عن عبدالله بن عوف بن الاحمر ، قال : لما اراد الله أميرالمؤمنين عليه السلام المسير إلى النهروان أتاه منجم فقال له : يا أميرالمؤمنين!لاتسر في هذه الساعة وسرفي ثلاث ساعات يمضين من النهار.فقال أميرالمؤمنين (ع) : ولم ذاك؟ قال : لانك إن سرت في هذه الساعة أصابك وأصاب أصحابك أذى وضر شديد ، وإن سرت في الساعة التي أمرتك ظفرت و ظهرت وأصبت كلما طلبت! فقال له أميرالمؤمنين(ع) تدري ما في بطن هذه الدابة أذكر أم انثى! قال : إن حسبت علمت : قال له أميرالمؤمنين عليه السلام من صدقك على هذا القول فقد كذب بالقرآن ، قال الله تعالى « إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غذا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير (١) » ما كان محمد (ص) يدعي ما ادعيت ، أتزعم أنك تهدي إلى الساعة التي ما سار فيها صرف عنه السوء والساعة التي من سار فيها حاق به الضر؟! من صدقك بهذا استغنى بقولك عن الاستعانة بالله عزوجل في ذلك الوجه ، وأحوج إلى الرغبة إليك في دفع المكروه عنه ، وينبغي له أن يوليك الحمد دون ربه عزوجل فمن آمن لك بهذا فقد اتخذك من دون الله ندا وضدا. ثم قال عليه السلام : اللهم لاطير إلا طيرك ، ولا ضير إلا ضيرك ، ولاخير إلا خيرك ، ولا إله غيرك. بل نكذبك ونخالفك ونسير في الساعة التي نهيت عنها.
بيان : « فقال له » روي أن هذا القائل كان عفيف بن قيس أخا الاشعث ، و كان يتعاطى علم النجوم. ويقال « ظفر بمطلوبه » كفرح أي فاز. « أتزعم » أي تقول وأكثر ما يستعمل في الباطل والحديث الذي لامستند له « وحاق به الامر » أي لزمه ونزل به ، والضر بالضم : سوء الحال « من صدقك على هذا القول فقد كذب بالقرآن » لادعائه العلم الذي أخبر الله سبحانه أنه مختص به ، إذ ظاهر قوله تعالى « عنده » الاختصاص. فإن قيل : فقد أخبرالنبي (ص) والائمة عليهم السلام بالخمسة المذكورة في الآية في مواطن كثيرة فكيف ذلك؟ قلنا : المراد أنه لايعلمها أحد بغير
____________________
(١) لقمان : ٣٤.