عليه السلام ثم قال له : يا دهقان! أنت مسير الثابتات؟ قال : لا ، قال : فأنت تقضي على الحادثات؟ قال : لا ، قال له : يا دهقان! فما ساعة الاسد من الفلك؟ وماله من المطالع والمراجع؟ وما الزهرة من التوابع والجوامع؟ قال : لا علم لي أيها الامير قال : فعلى أي الكواكب تقضي على القطب؟ وما هي الساعات المتحركات؟ وكم قدر الساعات المدبرات؟ وكم تحصل المقدرات؟ قال : لاعلم لي بذلك ، قال له : يا دهقان!إن صح لك علمك[ علمت ]أن البارحة انقلب بيت في الصين وانقلب بيتانسين (١) واحترقت دور الزنج ، وانحطم منار الهند ، وطفع جب سرانديب وهلك ملك إفريقية ، وانقض حصن اندلس ، وهاج نمل الشيح ، وفقد ديان اليهود ، وجذم شطرنج الرومي بأرمنية ، وعتاعب عمورية (٢) ، وسقطت شرافات الفسطنطنية ، و هاجت سباع البحر واثبة على أهلها ، ورجعت رجال النوبة المراجيح ، والتفت الزرق مع الفيلة ، وطار الوحش إلى العلقين ، وهاجت الحيتان في الاخضرين ، و اضطربت الوحوش بالانقلين ، أفأنت عليم بهذه الحوادث وما أحدثها من الفلك شرقية أو غربية؟ ومن أي برج سعد صاحب النحس؟ وأي برج انتحس صاحب السعد؟ قال الدهقان : لاعلم لي بذلك ، قال : فهل دلك علمك أن اليوم فيه سعد سبعون عالما ، في كل عالم سبعون ألف عالم ، منهم في البحر ، ومنهم في البر ، ومنهم في الجبال ، ومنهم في السهل والغياض والخراب والعمران؟ فأبن لنا ما الذي من الفلك أسعدهم؟ قال الدهقان : لاعلم لي بذلك ، قال له : يا دهقان! أظنك حكمت على اقتران المشتري بزحل حين لا حالك في الغسق قد شارفها واتصل جرمه بجرم القمر ، وذلك دليل على استحقاق ألف ألف من البشر كلهم مولدون في يوم واحد ومائة ألف من البشر كلهم يموتون الليلة وغدا ، وهذا منهم وأومأ بيده إلى سعد
____________________
(١) انسين ( خ ).
(٢) العمورية بفتح العين وتشديد الميم : بلدة من بلاد الروم ، غزاه المعتصم ففتحه وكان من اعظم فتوح الاسلام ، والعمورية أيضا بليدة على شاطئ العاصى فيها آبار خراب ولها دخل وافر « مراصد الاطلاع ».