وساق إلى قوله ثم أوحى الله إلى يوشع بن نون أن يرتقي إلى آخر الخبر (١)
بيان : « أن تجري في ذلك الماء » يمكن أن يكون المراد جريان عكس الكواكب فيها ، فيكون الماء كالزيج لهم لاستعلام مقدار الحركات ، أو خلق الله للكواكب أمثالا فأجراها في الماء على قدر حركة أصلها في السماء أو صغرها وأنزلها وأجراها فيه. وفي القاموس : البرهة ويضم : الزمان الطويل أو أعم (٢) « انتهى » « فمن ثم كره » أي من أجل أن الحساب اختلط فلا يمكنهم الحكم الواقعي على الكواكب وحركاتها فيكذبون ، أو من جهة أنه يصير سببا لترك الامور الضرورية بسبب علمهم بما يترتب عليه ، والخبر ضعيف عامي ، وفيه إشكال آخر وهو أنهم لو كانوا بحسب تقدير الله تعالى وأحكام المنوم من الخارجين فلم لم يخرجوا؟ ولو لم يكونوا فلم يكن ترك خروجهم بسبب ذلك (٣) ، وهذا من المسائل الغامضة من فروع مسأله القضاء والقدر ، والقعل قاصر عن فهمها.
١٩ـ النجوم : وأمادلالة النجوم على إبراهيم عليه السلام فقدروى صاحب كتاب التجمل أن آزر أبا إبراهيم كان منجما لنمرود ، ولم يكن صدر إلا عن أمره فنظر ليلة في النجوم فأصبح وهو يقول لنمرود : لقد رأيت في النجوم عجبا! قال : وما هو؟ قال : رأيت مولودا يولد في زماننا يكون هلاكنا على يديه ، ولا يلبث إلا قليلا حتى يحمل به. قال : فتعجب من ذلك ، ثم قال : هل حملت به النساء بعد؟ قال : لا ، فحجب الرجال عن النساء ولم يدع امرأة إلا جعلها في المدينة ، ولا يخلص إليها بعلها. قال : فوقع آزر على أهله ، فحملت بإبراهيم ، فظن أنه صاحبه فأرسل إلى قوابل ذلك الزمان وكن أعلم الناس بالجنين ولا يكون في الرحم شئ إلا عرفنه وعلمن به فنظرن فألزم ما في الرحم الظهر ، فقلن : ما نرى في
____________________
(١) الدر المنثور : ج ٣ ، ص ٣٥.
(٢) القاموس : ج ٤ ، ص ٢٨٠.
(٣) لامنافاة بين كونهم بحسب القضاء المحتوم من غير الخارجين وكون ترك الخروج مسببا عن علمهم بالنجوم ، فان القضاء ليس في عرض سائر الاسباب.