وصفوه (١) بالانامل فقالوا : إن محمدا (ص) قال « إني وجدت برد أنامله على قلبي » فلمثل هذه الصفات قال « رب العرش عما يصفون » يقول : رب المثل الاعلى عما به مثلوه ، ولله المثل الاعلى الذي لايشبهه شئ ولا يوصف ولايتوهم ، فذلك المثل الاعلى. ووصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم فوصفوا ربهم بأدنى الامثال وشبهوه بالمتشابه منهم فيما جعلوا به ، فلذلك قال « وما اوتيتم من العلم إلا قليلا » فليس له شبه ولا مثل ولاعدل ، وله الاسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره ، وهي التي وصفها في الكتاب فقال « فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه » جهلا بغير علم ، فالذي يلحد في أسمائه [ جهلا ] بغير علم يشرك وهو لايعلم ، ويكفر به وهو يظن أنه يحسن ، فلذلك قال « وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون » فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم ، فيضعونها غير مواضعها.
يا حنان! إن الله تبارك وتعالى أمر أن يتخذ قوم أولياء ، فهم الذين أعطاهم الفضل وخصهم بما لم يخص به غيرهم ، فأرسل محمدا صلى الله عليه وآله فكان الدليل على الله بإذن الله عزوجل حتى مضى دليلا هاديا ، فقام من بعده وصيه عليه السلام دليلا هاديا على ما كان هو دل عليه من أمر ربه من ظاهر علمه ثم الائمة الراشدون عليهم السلام (٢).
بيان ، « صفات كثيرة » أي معان شتى وإطلاقات مختلفة « ملك الكيفوفية في الاشياء » أي كيفية ارتباطه سبحانه بمخلوقاته وتدبيره لها وعلمه بها ومباينته عنها ، ولذا وصف ذلك بالاستواء فليس بشئ أقرب من شئ ، ورحمته وعلمه وسعا كل شئ ، ويحتمل أن يكون المراد تدبير صفات الاشياء وكيفياتها وأوضاعها وأحوالها ، ولعله أظهر. « ثم العرش في الوصل مفرد » أي إذا عطف أحدهما على الآخر ووصل بينهما في الذكر فالعرش مفرد عن الكرسي ومبائن له ، وفي غير ذلك قد يطلقان على معنى واحد كالعلم « وهما جميعا غيبان » أي مغيبان عن الحواس قوله عليه السلام « لان الكرسي هو الباب الظاهر » يظهر منه مع غاية غموضه أن المراد
____________________
(١) في المصدر : وقوم وصفوه.
(٢) التوحيد : ٢٣٦.