« تبارك الذي جعل في السماء بروجا » قال الرازي : البروج هي القصور العالية ، سميت بروج الكواكب به لانها لهذه الكواكب كالمنازل لسكانها ، و اشتقاق البرج من التبرج لظهوره ، وفيه قول آخر عن ابن عباس أن البروج هي الكواكب العظام ، والاول أولى. والسراج الشمس (١) « انتهى » « بأمره » أي بمحض إرادته « ورب المشارق » قيل : أي مشارق الكواكب ، أو مشارق الشمس في السنة ، وهي ثلثمائة وستون يشرق كل يوم في واحد وبحسبها تختلف المغارب ولذلك اكتفى بذكرها مع أن الشروق أدل على القدرة وأبلغ في النعمة « إنا زينا السماء الدنيا » أي القربى منكم « بزينة الكواكب » أي بزينة هي الكواكب بالاضافة البيانية أو البدلية على القراءتين « وحفظا » منصوب بإضمار فعله ، أو العطف على « زينة » باعتبار المعنى كأنه قال : إنا خلقنا الكواكب زينة للسماء و حفظا من كل شيطان « مارد » خارج من الطاعة يرمى بالشهب (٢).
« قرارا » أي مستقرا تستقرون عليه « والسماء بناء » أي وجعل السماء بناء مرتفعا فوقها ، ولو جعلهما رتقا لما أمكن الخلق الانتفاع بما بينهما « كيف بنيناها » أي رفعناها بلا عمد وزيناها بالكواكب « ومالها من فروج » أي فتوق كسائر الابنية المبنية من الاحجار واللبنات ، بل خلقها ملساء متصلة ، أو ليس لها فروج ظاهرة مرئية فلا ينافي الابواب الكائنة فيها ، وقال الكسائي : معناه ليس فيها تفاوت واختلاف قال الرازي : قالت الفلاسفة : الآية دالة على أن السماء لاتقبل الخرق ، وكذلك قالوا في قوله « هل ترى من فطور » وقوله « سبعا شدادا » وتعسفوا فيه لان قوله تعالى « مالها من فروج » صريح في عدم ذلك ، والاخبار عن عدم شئ لا يكون إخبارا عن عدم إمكانه ، فإن من قال « من لفلان مال » لا يدل على نفي إمكانه ، ثم إنه تعالى بين خلاف قولهم بقوله « وإذا السماء فرجت » وقوله (٣) « إذا السماء انفطرت » وقوله (٤) « فهي يومئذ واهية » في مقابلة قوله
____________________
(١) مفاتيح الغيب : ج ٦ ، ص ٤٩٥.
(٢) بالشهاب ( خ ).
(٣ و ٤) في المصدر : وقال.