المراد من كونها طباقا كونها موازية لا أنها متماسة (١). و « جعل القمر فيهن نورا » قال البيضاوي : أي في السماوات وهو في السماء الدنيا وإنما نسب إليهن لما بينهن من الملابسة. « وجعل الشمس سراجا » مثلها به لانها تزيل ظلمة الليل عن وجه الارض كما يزيلها السراج عما حوله (٢). « وإنا لمسنا السماء » أي طلبنا بلوغ السماء أو خبرها ، واللمس مستعار من المس للطلب كالجس « حرسا » أي حراسا اسم جمع كالخدم « شديدا » قويا وهم الملائكة الذين يمنعونهم عنها « و شهبا » جمع شهاب وهو المضئ المتولد من النار « وإنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع » أي مقاعد خالية عن الحرس والشهب أو صالحة للرصد والاستماع ، و « للسمع » صلة لنقعد أو صفةلمقاعد « شهابا رصدا » أي شهاباراصدا له ولاجله يمنعه عن الاستماع بالرجم ، أو ذوي شهاب راصدين على أنه اسم جمع للراصد.
« طمست » أي محقت وأذهب نورها « فرجت » أي شقت « سبعا شدادا » أي سبع سماوات أقوياء محكمات لايؤثر فيها مرور الدهور « وجعلنا سارجا وهاجا » متلالئا وقادا ، أو بالغا في الحرارة والمراد الشمس « وإذا النجوم النكدرت » أي انقضت أو أظلمت « وإذا السماء كشطت » أي قلعت وازيلت كما يكشط الاهاب عن الذبيحة « فلا اقسم بالخنس الجوار الكنس » قال الرازي : فيه قولان الاول وهو المشهور الظاهر أنها النجوم ، الخنس جمع « خانس » والخنوس الانقباض و الاستخفاء ، تقول : خنس بين القوم وانخنس ، والكنس جمع « كانس » و « كانسة » يقال : كنس إذا دخل الكناس وهو مقر الوحش يقال : كنست الظباء في كناسها وتكنست المرأة إذا دخلت هودجها تشبه بالظبي إذا دخل الكناس ، ثم اختلفوا في خنوس النجوم وكنوسها على ثلاثة أوجه ، فالقول الاظهر أن ذلك إشارة إلى رجوع الكواكب الخمسة السيارة واستقامتها ، فرجوعها هو الخنوس ، وكنوسها اختفاؤها تحت ضوء الشمس ، ولا شك أن هذه حالة عجيبة وفيها أسرار عظيمة
____________________
(١) مفاتيح الغيب : ج ٨ ، ص ٣٠٦
(٢) انوار التنزيل : ج ٢ ، ص ٥٥٢.