يحد آخره بمثله بل أطلقه بذكر الليل فقط لعلم الناس بأسرهم أنه غروب قرص الشمس علم أن المراد بما ذكر في الأول لم يكن مبدأ النهار ومما يدل على صحة قولنا قوله تعالى « أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ » إلى قوله تعالى « ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ » (١) فأطلق المباشرة والأكل والشرب إلى وقت محدود لا الليل كله كما كان محظورا على المسلمين قبل نزول هذه الآية الأكل والشرب بعد عشاء الآخرة وما كانوا يعدون صومهم بيوم وبعض ليلته بل كانوا يذكرونها أياما بإطلاق.
فإن قيل : إنه أراد بذلك تعريفهم أول النهار للزم أن يكون الناس قبل ذلك جاهلين بأول الأيام والليالي وذلك ظاهر المحال فإن قيل إن النهار الشرعي خلاف النهار الوضعي فما ذلك إلا خلاف في العبارة وتسمية شيء باسم وقع في التعارف على غيره مع تعري الآية عن ذكر النهار وأوله والمشاحة في مثل ذلك مما نعتزلها ونوافق الخصوم في العبارات إذا وافقونا في المعاني وكيف يعتقد أمر ظهر للعيان خلافه فإن الشفق من جهة المغرب هو نظير الفجر من جهة المشرق وهما متساويان في العلة متوازيان في الحالة فلو كان طلوع الفجر أول النهار لكان غروب الشفق آخره وقد اضطر إلى قبول ذلك بعض الشيعة (٢) وعلى أن من خالفنا فيما قدمناه يوافقنا في مساواة الليل والنهار مرتين في السنة إحداهما في الربيع والأخرى في الخريف ويطابق قوله قولنا في أن النهار ينتهي في طوله عند تناهي قرب الشمس من القطب الشمالي وأنه ينتهي في قصره عند تناهي بعدها منه وأن ليل الصيف الأقصر يساوي نهار الشتاء الأقصر وأن
__________________
(١) البقرة : ١٨٧.
(٢) القول باعتبار غروب الشفق لتحقق الليل غير معهود من الشيعة ، والظاهر أن منشأ الاشتباه المشهور ارتفاع الحمرة المشرقية الى قمة الرأس. ولعله أراد ببعض الشيعة أبا الخطاب العالى ، فقد روى في السرائر عن عمار الساباطى عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال : إنما أمرت أبا الخطاب أن يصلى المغرب حين تغرب الحمرة من مطلع الشمس عند مغربها فجعله هو الحمرة التي من قبل المغرب ، فكان يصلي حين يغيب الشفق.