به الشريعة ممكن غير مستحيل ولا استبعاد أيضا فيها ولا يلزم أن يكون حدوث لياقته واستعداده لتعلقها مما يحصل له شيئا فشيئا ككونه أولا نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم طفلا إلى تمام الخلقة حسب ما يقتضيه التوالد والتناسل فإن ذلك نحو خاص من الحدوث والحدوث لا ينحصر للإنسان في هذا النحو لجواز أن يتكون دفعة تاما كاملا لأجل خصوصية بعض الأزمنة والأوقات والأوضاع الفلكية ترجح إرادة الله
__________________
وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً ». نعم ، من الأسباب ما يكون واضحا وكيفية تأثيره وشرائطه معروفة ومنها ما يكون خفيا لا يطلع عليها إلا الخواص بعد جهد بالغ وتجارب كثيرة ، ومنها ما يكون غير عادى لا يستطاع الحصول عليه إلا لمن شاء الله تعالى فربما يدعى من لا يعرف هذين النوعين من الأسباب انحصار سبب شيء في ما هو الواضح المتعارف ، كما كان الناس يزعمون استحالة كثير من الأمور التي حصلت اليوم ببركة العلم الحديث ، وكما كان كثير من الاقوام يزعمون استحالة حدوث بعض الآيات قبل مشاهدتها ويسندونها إلى سحر الاعين بعد رؤيتها. لكن العقل السليم لا يأبى وجود أسباب خفية على الناس وغير طائعة لهم كما لا ينكر تأثير نفوس قدسية بأمر الله تعالى ولا يعد المعجزات وخوارق العادات تجويزا للمحال ولا ناقضا لقانون العلية ، لكن يأبى استناد الحوادث أياما كانت بلا واسطة إلى الله تعالى لاستلزام ذلك اختلال سلسلة العلل والمعاليل وتقدر الفيض من غير مقدر والترجح بلا مرجح وأما مرجحية إرادة الله تعالى ومقدريتها للفيض فالارادة ان فرضت حادثة في ذاته سبحانه استلزمت صيرورة الذات محلا للحوادث ومعرضا للكيفيات ـ جل وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ـ وان فرضت حادثة في خارج ذاته كانت مخلوقه له محتاجة إلى إرادة اخرى متسلسلة وتغيير العبارة والتعبير بالمشيئة لا يحل المشكلة وان فرضت قديمة لزم انفكاك المعلول عن العلة وأما الإرادة المنتزعة عن مقام الفعل فمنشأ انتزاعها نفس الفعل فلا تكون مرجحة له وهذا ليس بمعنى اشتراط قدرته تعالى على الفعل بحصول الأسباب واجتماع الشرائط واستعداد المواد ، فان قدرته تعالى ليست محدودة بشيء ولا متوقفة على شيء ، بل بمعنى نقص المقدور ومحدوديته ذاتا وتأخره عن علله رتبة وارتباطه بها ثبوتا ، وبعبارة اخرى المعلول الخاص هو الذي يكون محدودا بحدود وقيود خاصة وإلا لم يكن ذاك المعلول لا أن الله تعالى لا يكون قادرا على ايجاد هذا المعلول إلا بهذه الخصوصيات كما انه لا ينافى تكون الأشياء بنفس امر الله تعالى ، فان أمره يوجب وجودها في ظروفها و.