المعجزات اليقينية المتواترة عن الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام وكذا جرى عادته على انعقاد الجواهر في المعادن بأسباب من المؤثرات الأرضية والسماوية لبعض المصالح فإذا أراد إظهار كمال قدرته ورفع شأن وليه يجعل الحصا في كفه دفعة جوهرا ثمينا والحديد في يد نبيه عجينا ويخرج الأجساد البالية دفعة من التراب في يوم الحساب فهذه كلها وأمثالها لا تستقيم مع الإذعان بقواعدهم الفاسدة وآرائهم الكاسدة.
وقال بعضهم حذرا من التشهير والتفكير إعادة النفس إلى بدن مثل بدنها الذي كان لها في الدنيا مخلوق من سنخ هذا البدن بعد مفارقتها عنه في القيامة كما نطقت
__________________
من صدور الواحد من الكثير لمكان تعدد الحيثيات ولا اظن أن يرتاب أحد في سببية الأسباب والعلل لمسبباتها ومعلولاتها وارتباط الثانية بالاولى ارتباطا ذاتيا وجوديا إلا ان تعرض شبهة لمن لا يستطيع على حلها كالاشاعرة حيث قالوا بان عادة الله جرت على ايجاد شيء عقيب شيء آخر دون ان يرتبط به ارتباطا وجوديا ، والتزموا بذلك زعما منهم ان القول بالعلية وارتباط المعلول بالعلة ينافى التوحيد ، وجهلا بأن هذا منهم هدم لاساس التوحيد وإنكار لسنة الله تعالى في خلقه.
( الخامس ) كل علة غير الواجب تعالى ليس مستقلا في التأثير كما أنه ليس مستقلا في الوجود ، فكما انها تحتاج في ذاتها إلى علة اخرى حتى تنتهى إلى الواجب تبارك وتعالى فكذا في أفعالها وجميع شئونها فما من اثر وجودى في شيء من الأشياء من حيث هو اثر وجودى إلا وهو مستند إلى الله تعالى قبل استناده إلى سائر علله ويشهد لهذا المعنى آيات كثيرة جدا نسب فيها أفعال العباد والمخلوقات إلى الله تعالى أو انيط فيها تأثير الأشياء باذن الله تعالى ومشيئته ، لكن استناد الافعال والآثار إلى الله سبحانه لا يوجب صلب انتسابها إلى عللها المتوسطة وتأثير العلل باذن ربها ، فاستناد خلق الإنسان إلى الله تعالى لا ينافى توسط ملائكة وتأثير اسباب ومعدات بل يستلزمها ، لا لانه سبحانه يحتاج إليها وقدرته على الخلق يتوقف عليها بل لان مرتبة الفعل هي التي تقتضى ذلك ، فكل معلول له مرتبة تخصه وحدود يتشخص بها بحيث لو تبدل بعضها إلى بعض لانقلب إلى شيء آخر ، كما ان كل عدد له مرتبة خاصة لا يتقدم عليها ولا يتأخر عنها وإلا لانقلب إلى عدد آخر ، وفيض الوجود مطلق لا يقيد من ناحية ذات المفيض تعالى بشيء بل مجارى الفيض هي التي تحدده حتى تتقدر باقدار خاصة تسعها ظروف المعاليل المتأخرة « وَما نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ » فتقدره انما هو عند نزوله واما عنده تعالى فالخزائن التي لا تتناهى وقد جرت سنته تعالى باجراء الأمور من أسبابها « فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً