أورده الواحدي في البسيط وأما القائلون بأن الملك أفضل من البشر على الإطلاق فقد عولوا على هذه الآية وهو في الحقيقة تمسك بدليل الخطاب (١) انتهى.
وقال الطبرسي قدسسره استدل بعضهم بهذا على أن الملائكة أفضل من الأنبياء قال لأن قوله « عَلى كَثِيرٍ » يدل على أن هاهنا من لم يفضلهم عليه وليس إلا الملائكة لأن بني آدم أفضل من كل حيوان سوى الملائكة بالاتفاق وهذا باطل من وجوه :
أحدها أن التفضيل هاهنا لم يرد به الثواب لأن الثواب لا يجوز التفضيل به ابتداء وإنما المراد بذلك ما فضلهم الله به من فنون النعم التي عددنا بعضها.
وثانيها أن المراد بالكثير الجميع فوضع الكثير موضع الجميع والمعنى أنا فضلناهم على من خلقنا وهم كثير كما يقال بذلت له العريض من جاهي وأبحته المنيع من حريمي ولا يراد بذلك أني بذلت له عريض جاهي ومنعته ما ليس بعريض وأبحته منيع حريمي ولم أبحه ما ليس منيعا بل المقصود أني بذلت له جاهي الذي من صفته أنه عريض وفي القرآن ومحاورات العرب من ذلك ما لا يحصى ولا يخفى ذلك على من عرف كلامهم.
وثالثها أنه إذا سلم أن المراد بالتفضيل زيادة الثواب وأن لفظة من في قوله « مِمَّنْ خَلَقْنا » تفيد التبعيض فلا يمتنع أن يكون جنس الملائكة أفضل من جنس بني آدم لأن الفضل في الملائكة عام لجميعهم أو أكثرهم والفضل من (٢) بني آدم يختص بقليل من كثير وعلى هذا فغير منكر أن يكون الأنبياء أفضل من الملائكة وإن كان جنس الملائكة أفضل من جنس بني آدم (٣) انتهى.
وأقول كلامه ره في هذه الآية مأخوذ مما سننقله عن السيد المرتضى رضي الله عنه.
__________________
(١) مفاتيح الغيب : ج ٢١ ، ص ١٢ ـ ١٦.
(٢) في المصدر : فى.
(٣) مجمع البيان : ج ٦ ، ص ٤٢٩.