إني قد فرضت فريضة وخلقت جنة لمن أطاعني فيها ونارا لمن عصاني فقلن نحن مسخرات على ما خلقتنا لا نحتمل فريضة ولا نبغي ثوابا ولا عقابا ولما خلق آدم عليهالسلام عرض عليه مثل ذلك فتحمله وكان ظلوما لنفسه بتحمله ما يشق عليها جهولا بوخامة عاقبته.
والسادس ما قيل إن المراد بالأمانة العقل والتكليف وبعرضها عليهن اعتبارها بالإضافة إلى استعدادهن وبإبائهن الإباء الطبيعي الذي هو عدم اللياقة والاستعداد وبحمل الإنسان قابليته واستعداده لها وكونه ظلوما جهولا لما غلب عليه من القوة الغضبية والشهوية وعلى هذا يحسن أن يكون علة للحمل عليه فإن من فوائد العقل أن يكون مهيمنا على القوتين حافظا لهما عن التعدي ومجاوزة الحد (١) ومعظم مقصود التكليف تعديلهما وكسر سورتهما.
والسابع أن المراد بالأمانة أداء الأمانة ضد الخيانة أو قبولها وتصحيح تتمة الآية على أحد الوجوه المتقدمة.
الثامن أن المراد بالأمانة الإمامة (٢) والخلافة الكبرى وحملها ادعاؤها بغير حق والمراد بالإنسان أبو بكر وقد وردت الأخبار الكثيرة في ذلك أوردتها في كتاب الإمامة وغيرها فقد روي بأسانيد عن الرضا عليهالسلام قال : الأمانة الولاية من ادعاها بغير حق كفر. وقال علي بن إبراهيم الأمانة هي الإمامة والأمر والنهي عرضت على السماوات والأرض والجبال « فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها » قال أبين أن يدعوها أو يغصبوها أهلها « وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ » الأول « إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً » (٣). وعن الصادق عليهالسلام الأمانة الولاية والإنسان أبو الشرور المنافق. وعن الباقر عليهالسلام هي الولاية أبين « أَنْ يَحْمِلْنَها » كفرا « وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ » والإنسان أبو فلان.
ومما يدل على أن المراد بها التكليف ما روي أن عليا عليهالسلام كان إذا حضر وقت
__________________
(١) الحدود ( خ ).
(٢) الامارة ( خ ).
(٣) تفسير علي بن إبراهيم : ٥٣٥ ( مقطعا ).