بذاته ومرة باعتبار كونها نعمة على كل واحد واحد من أفراد البشر لمدخلية وجودهم في وجوده ونظام أحواله فيضرب عدد تلك النعم في عدد الأشخاص والحيوانات مرات لا تتناهى.
ثم لما كان وجود زيد موقوفا على وجود أبويه فكل نعمة على كل من أبويه وعلى كل من كان في عصر أبويه نعمة عليه وكذا كل نعمة على والدي بكر وخالد نعمة عليه لتوقف وجوده وبقائه ونظام أحواله على وجود بكر ووجوده متوقف على وجود والديه ووجودهما وبقاؤهما وسائر أمورهما متوقفة على جميع النعم على أهل عصرهما فمن هذه الجهة أيضا جميعها نعمة عليه فيضرب جميع هذه الأعداد الغير المتناهية في جميع تلك الأعداد الغير المتناهية مرات غير متناهية ثم ننقل الكلام في كل عصر من الأعصار وآباء كل منهم إلى أن ينتهي إلى آدم وحواء عليهماالسلام ويضرب كل من تلك المراتب في ما حصل من المراتب السابقة وهذا حساب لا يحيط به علم البشر ولو اجتمع جميع المحاسبين من الثقلين وأرادوا استيفاء حساب مرتبة من هذه المراتب لا يقدرون عليه مع أن كل قطرة من قطرات البحار وكل ذرة من ذرات الجو والأرض نعمة على كل شخص من الأشخاص فسبحان من لا يقدر على إحصاء شعبة واحدة من شعب نعمه الغير المتناهية إلا هو وله الحمد بعدد كل نعمة له علينا وعلى كل خلق من مخلوقاته.
« إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ » يظلم النعمة بإغفال شكرها أو يظلم نفسه بأن يعرضها للحرمان « كَفَّارٌ » شديد الكفران وقيل ظلوم في الشدة يشكو ويجزع كفار في النعمة يجمع ويمنع.
« مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ » قيل أي بميزان الحكمة ومقدر بقدر الحاجة وذلك أن الوزن سبب معرفة المقدار فأطلق اسم السبب على المسبب وقيل أي له وزن وقدر في أبواب النعمة والمنفعة وقيل أراد أن مقاديرها من العناصر معلومة وكذا مقدار تأثير الشمس والكواكب فيها وقيل أي متناسب محكوم عليه عند العقول السليمة بالحسن واللطافة يقال كلام موزون أي متناسب وفلان موزون الحركات وقيل أراد ما يوزن من نحو الذهب والفضة والنحاس وغيرها من الموزونات كأكثر الفواكه والنبات.