مجندة عليه فإذا أراد الله به سقما سلطها عليه فأسقمه من حيث يريد به ذلك السقم (١).
بيان : قوله والفهم عطف على العقل أو عد العقل أربعا باعتبار شعبه والأول أظهر وقال الراغب في مفرداته النور الضوء المنتشر الذي يعين على الإبصار وذلك ضربان دنيوي وأخروي فالدنيوي ضربان ضرب معقول بعين البصيرة وهو ما انتشر من الأمور الإلهية كنور العقل ونور القرآن ومحسوس بعين البصر وهو ما انتشر من الأجسام النيرة كالقمر والنجوم والنيران فمن النور الإلهي قوله عز وجل « قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ » (٢) وقال « وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ » (٣) وقال « وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا » (٤) وقال « فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ » (٥) وقال « نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ » (٦) ثم قال ومن النور الأخروي قوله « يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ » (٧) وقوله « انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ » (٨) وسمى الله نفسه نورا فقال « اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » (٩) انتهى.
عرف في ما هو أي فناء الدنيا ودناءتها وأحوال نفسه وضعفه وعجزه ومن أين تأتيه الأشياء أي يؤمن بالقضاء والقدر ويعلم أسباب الخير والشر والسعادة والشقاوة ولأي شيء هو هاهنا أي في الدنيا للمعرفة والطاعة وإلى ما هو صائر من الآخرة وقوله بإخلاص الطاعة إما حال عن فاعل عرف أي متلبسا به أو متعلق بصائر أي يعلم أن مصيره إلى الجنة إذا أخلص الوحدانية أو متعلق بالمعرفة علة لها.
__________________
(١) العلل : ج ١ ، ص ١٠٢ ـ ١٠٣.
(٢) المائدة : ١٥.
(٣) الأنعام : ١٢٢.
(٤) الشورى : ٥٢.
(٥) الزمر : ٢٢.
(٦) النور : ٣٥.
(٧) الحديد : ١٢.
(٨) الحديد : ١٣.
(٩) النور : ٣٥.