وما سخر له من كل شيء فمن أين أنت قال الهدهد الآخر أنا من هذه البلاد ووصف له ملك بلقيس وأن تحت يدها اثني عشر ألف قائد تحت كل قائد مائة ألف مقاتل (١) ثم قال فهل أنت منطلق معي حتى تنظر إلى ملكها فقال أخاف أن يتفقدني سليمان في وقت الصلاة إذا احتاج إلى الماء فقال الهدهد اليماني إن صاحبك يسره أن تأتيه بخبر هذه الملكة فمضى معه ونظر إلى ملك بلقيس وما رجع إلى سليمان إلا بعد العصر فكان سليمان عليهالسلام قد نزل على غير ماء (٢) فسأل الإنس والجن والشياطين عن الماء فلم يعلموا له خبرا فتفقد الطير وتفقد الهدهد (٣) فدعا عريف الطير وهو النسر وسأله عن الهدهد فلم يجد علمه عنده فغضب سليمان عليهالسلام عند ذلك وقال : « لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً » الآية ثم دعا بالعقاب وهو سيد الطير وقال علي بالهدهد الساعة فارتفع في الهواء ونظر إلى الدنيا كالقصعة في يد الرجل ثم التفت يمينا وشمالا فإذا هو بالهدهد مقبلا من نحو اليمن فانقض يريده فناشده الله تعالى وقال أسألك بحق الذي قواك وأقدرك علي إلا ما رحمتني ولم تتعرض لي بسوء فتركه ثم قال له ويلك ثكلتك أمك إن نبي الله قد حلف ليعذبك أو ليذبحنك فقال الهدهد أوما استثنى نبي الله قال بلى : « أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ » فقال الهدهد فنجوت إذا ثم طار الهدهد والعقاب حتى أتيا سليمان عليهالسلام فلما قرب منه الهدهد أرخى ذنبه وجناحه يجرهما على الأرض تواضعا له فأخذ سليمان عليهالسلام برأسه فمده إليه فقال يا نبي الله اذكر وقوفك بين يدي الله عز وجل فارتعد سليمان وعفا عنه ثم سأله عن سبب غيبته فأخبره بأمر بلقيس.
__________________
(١) فيه غرابة شديدة.
(٢) ظاهر قوله : ( رأى ارضا حسناء تزهو خضرتها ) أن الأرض كانت ذات ماء ، وظاهره أيضا انه نزل على تلك الأرض المخضرة.
(٣) في المصدر : ففقد الهدهد.