معنى يفتنون يبتلون في أنفسهم وأموالهم. وعن النبي صلى الله عليه واله أنه لما نزلت هذه الآية قال لا بد من فتنة يبتلى بها الأمة ليتعين الصادق من الكاذب لأن الوحي قد انقطع وبقي السيف وافتراق الكلمة إلى يوم القيامة.
وفي الكافي (١) عن الكاظم عليه السلام أنه قرأ هذه الآية ثم قال ما الفتنة قيل الفتنة في الدين فقال يفتنون كما يفتن الذهب ثم يخلصون كما يخلص الذهب.
« فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا » أي في الوجود بحيث يتميز الذين صدقوا في الإيمان والذين كذبوا فيه بعد ما كان يعلمهم قبل ذلك أنهم سيوجدون ويمتحنون.
وفي المجمع (٢) عن أمير المؤمنين والصادق عليه السلام أنهما قرءا بضم الياء وكسر اللام فيهما من الإعلام أي ليعرفنهم الناس.
وأقول تدل على أن الإقرار الظاهري غير كاف في الإيمان الواقعي.
« أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ » (٣) أي أحسن جزاء أعمالهم.
« لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ » (٤) أي في جملتهم أو في زمرتهم في الجنة « وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ » بلسانه « فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ » أي في دينه أو في ذاته « جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ » أي تعذيبهم وأذيتهم « كَعَذابِ اللهِ » فيرجع عن الدين كما ينبغي للكافر أن يترك دينه مخافة عذاب الله « وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ » أي فتح وغنيمة « لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ » في الدين فأشركونا فيه والمراد المنافقون أو قوم ضعف إيمانهم فارتدوا من أذى المشركين ويؤيد الأول « أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ » أي من الإخلاص والنفاق « وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا » بقلوبهم « وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ » فيجازي الفريقين.
« وَقُولُوا » (٥) أي لأهل الكتاب في المجادلة وفي الدعوة إلى الدين فلا
__________________
(١) الكافي ج ١ ص ٣٧٠.
(٢) مجمع البيان ج ٨ ص ٢٧١.
(٣) العنكبوت : ٧.
(٤) العنكبوت : ٩ ـ ١١.
(٥) العنكبوت : ٤٦ و ٤٧.