تركيز هذا المفهوم وتثبيته ، كما سنرى ..
وثانياً : لقد كان لابد من تفويت الفرصة على أولئك الحاقدين والمنحرفين ، الذين سوف يستفيدون من ذلك المفهوم الجاهلي لمقاصد سياسية ، فيما يتعلق بموضوع الإمامة والخلافة والزعامة بعد رسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبالذات فيما يختص بشخص هؤلاء الذين أخرجهم عليه وآله الصلاة والسلام للمباهلة ، وكرمهم في حديث الكساء ، وآية التطهير ، وغير ذلك مما لا مجال له هنا ..
وذلك لأن الذين تصدوا للاستئثار بالأمر بعد النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم قد احتجوا في السقيفة بأنهم : أولياء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعشيرته ، وبأنهم عترة النبي ، وبأنهم أمسُّ برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رحماً (١).
وجاء الأمويون أيضاً ، واتبعوا نفس الخط ، وساروا على نفس الطريق ، وكانت الخطط الجهنمية لهؤلاء وأولئك تتجه نحو تضعيف شأن أهل البيت عليهمالسلام ، وعزلهم عن الساحة ، بل والقضاء عليهم وتصفيتهم بشكل نهائي : إعلامياً وسياسياً ، واجتماعياً ، ونفسياً ، بل وحتى جسدياً ، أيضاً .. وكان رأس الحربة يتجه أولاً وبالذات إلى أولئك الذين طهرهم الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه ، وأخرجهم نبيه الأكرم محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ليباهل بهم أهل الكفر ، واللجاج والعناد ..
حيث إن تصفية هؤلاء على النحو الذي قدمناه هو الأصعب ، وهو الأهم ، وذلك بسبب ما سمعته الأمة من النبي الأكرم صلى عليه وآله وسلم ، وبسبب
__________________
١ ـ راجع : نهاية الإرب ج ٨ ص ١٦٨ وعيون الأخبارلابن قتيبة ج ٢ ص ٢٣٣ والعقد الفريد ج ٤ ص ٢٥٨ ، وتاريخ الطبري ط دار المعارف بمصر ج ٣ ص ٢٢٠ والإمامة والسياسة ج ١ ص ١٤ / ١٥ ط الحلبي بمصر ، وشرح النهج للمعتزلي ج ٦ ص ٧ و ٨ و ٩ و ١١ والأدب في ظل التشيع ص ٢٤ نقلاً عن البيان والتبيين للجاحظ ، والإمام الحسين للعلايلي ص ١٨٦ و ١٩٠ ، وغيرهم ، والحياة السياسية للإمام الرضا للمؤلف ص ٥٣ عمن تقدم.