عوراتهم ، وأن ينظر المرء إلى فرج أخيه ، ويحفظ فرجه من أن ينظر إليه ، وقال « وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن » من أن ينظر إحداهن إلى فرج اختها ، وتحفظ فرجها من أن ينظر إليها ، وقال : كل شئ في القرآن من حفظ الفرج ، فهو من الزنا إلا هذه الاية فانها من النظر (١).
ثم نظم ما فرض على القلب واللسان والسمع والبصر في آية اخرى فقال : « وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم » (٢) يعني بالجلود الفروج والافخاذ ، وقال « ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا » (٣) فهذا ما فرض الله على العينين من غض البصر عما حرم الله وهو عملهما ، وهو من الايمان.
وفرض الله على اليدين أن لايبطش بهما إلى ماحرم الله وأن يبطش بهما إلى ما أمرالله عزوجل ، وفرض عليهما من الصدقة وصلة الرحم والجهاد في سبيل الله والطهور للصلوات فقال : « يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين » (٤) وقال « فاذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فاما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أو زارها » (٥) فهذا ما فرض الله على اليدين
____________________
(١) وذلك لان حفظ الفرج ههنا قدقرن بغض البصر ، فصار كل واحد منهما قرينة متممة للمراد من الاخر نافية لاطلاقه ، على حد صنعة الاحتباك كما في قوله تعالى : الله الذى جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا « غافر : ٦١ » ومثله قوله تعالى : « هو الذى جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا » « يونس : ٦٧ » فان تقدير الايتين : جعل لكم الليل مظلما لتسكنوا فيه والنهار مبصرا لتبتغوا فيه من فضله.
وهكذا هنا تقدير الاية : قل للمؤمنين يغضوا أبصارهم من فروج المؤمنين ويحفظوا فروجهم من أبصار المؤمنين.
(٢) فصلت : ٢٢ (٣) أسرى : ٣٦.
(٤) المائدة : ٦ (٥) القتال : ٤.