العلم والمعرفة.
وفصل بعضهم زيادة التفصيل ، وقال : التصديق عبارة عن ربط القلب بما علم من إخبار المخبر ، وهو أمر كسبي يثبت باختيار المصدق ، ولهذا يؤجر ويثاب عليه بل يجعل رأس العبادات ، بخلاف المعرفة ، فانها ربما تحصل بلا كسب كمن وقع بصره على جسم فحصل له معرفة أنه جدار أو حجر ، وحققه بعض المتأخرين زيادة تحقيق فقال : المعتبر في الايمان هو التصديق الاختياري ، ومعناه نسبة التصديق إلى المتكلم اختيارا وبهذا القيد يمتاز عن التصديق المنطقي المقابل للتصور فانه قد يخلو عن الاختيار ، كما إذا ادعى النبي النبوة وأظهر المعجزة فوقع في القلب صدقه ضرورة ، من غير أن ينسب إليه اختيارا ، فانه لايقال في اللغة أنه صدقه فلا يكون إيمانا شرعيا ، كيف؟ والتصديق مأمور به ، فيكون فعلا اختياريا زائدا على العلم ، لكونه كيفية نفسانية أو انفعالا وهو حصول المعنى في القلب ، والفعل القلبي ليس كذلك ، بل هو إيقاع النسبة اختيارا الذي هو كلام النفس ويسمى عقد القلب ، فالسو فسطائي عالم بوجود النهار ، وكذا بعض الكفار بنبوة النبي صلىاللهعليهوآله لكنهم ليسوا بمصدقين لانهم لايحكمون اختيارا بل ينكرون.
وكلام هذا القائل ، متردد يميل تارة إلى أن التصديق المعتبر في الايمان نوع من التصديق المنطقي ، لكونه مقيدا بالاختيار ، وكون التصديق العلمي أعم لافرق بينهما إلا بلزوم الاختيار وعدمه ، وتارة إلى أنه ليس من جنس العلم أصلا لكونه فعلا اختياريا وكون العلم كيفية أو انفعالا وعلى هذا الاخير أصر بعض المعتنبن بتحقيق الايمان ، وجزم بأن التسليم الذي فسر به الغزالى التصديق ليس من جنس العلم ، بل أمر وراءه معناه « كردن دادن ، وكرويدن ، وحق دانستن مر آنرا كه حق دانسته باشى ».
ويؤيده ما ذكره إمام الحرمين أن التصديق على التحقيق كلام النفس لكن لايثبت كلام النفس إلا مع العلم ، ونحن نقول : لاشك أن التصديق المعتبر في الايمان هو ما يعبر عنه في الفارسية « بكرويدن ، وباور كردن ، وراست كوى دانستن » إذا