التاسع عشر : عن أنس بن مالك قال : قالوا : يا رسول الله من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون؟ فقال : الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها ، فاهتموا بآجلها حين اهتم الناس بعاجلها ، فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم ، وتركوا منها ما علموا أن سيتركهم ، فما عرض لهم منها عارض إلا رفضوه ، ولا خادعهم من رفعتها خادع إلا وضعوه ، خلقت الدنيا عند هم فما يجد دونها ، وخربت بينها فما يعمرونها ، وماتت في صدورهم فما يحبونها ، بل يهدمونها فيبنون بها آخرتهم ، ويبيعونها فيشترون بها ما يبقى لهم ، نظروا إلى أهلها صرعى قد حلت بهم المثلات ، فما يرون أمانا دون ما يرجون ، ولا خوفا دون ما يحذرون.
العشرون : عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : إنما أنتم خلف ما ضين وبقية متقدمين كانوا أكبر منكم بسطة ، وأعظم سطوة ، فازعجوا عنها أسكن ما كانوا إليها [ وغدرت بهم ] واخرجوا منها أوثق ما كانوا بها ، فلم يمنعهم قوة عشيرة ، ولا قبل منهم بذل فدية ، فارحلوا أنفسكم بزاد مبلغ قبل أن تأخذوا على فجأة ، وقد غفلتم عن الاستعداد.
الحادى والعشرون : عن سالم بن عبدالله ، عن ابن عمر قال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآله : كن في الدنيا كانك غريب وعابر سبيل ، واعدد نفسك في الموتى ، وإذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء ، وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح ، وخذ من صحتك لسقمك ، ومن شبابك لهرمك ، ومن حياتك لو فاتك. فانك لا تدري ما اسمك غدا.
الثانى والعشرون : عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله في بعض خطبه أومواعظه : أيها الناس لا يشغلنكم ديناكم عن آخرتكم ، فلا تؤثروا هوا كم على طاعة ربكم ، ولا تجعلوا إيمانكم ذريعة إلى معاصيكم ، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ومهدوا لها قبل أن تعذبوا وتزو دوا للرحيل قبل أن تزعجوا فانها موقف عدل واقتضاء حق ، وسؤال عن واجب ، وقد أبلغ في الاعذار من تقدم بالا نذار.