فقال : قال علي بن الحسين عليهماالسلام : سمعت أبا عبدالله الحسين عليهالسلام يقول : حدثني أميرالمؤمنين عليهالسلام قال : إني كنت بفدك في بعض حيطانها وقد صارت لفاطمة عليهماالسلام قال فاذا أنا بامرأة قد هجمت علي وفي يدي مسحاة وأنا أعمل بها فلما نظرت إليها طار قلبي ، مما تداخلني من جمالها فشبهتها ببثينة بنت عامر الجمحي وكانت من أجمل نساء قريش ، فقالت يا ابن أبي طالب هل لك أن تتزوج بي فأغنيك عن هذه المسحاة وأدلك على خزائن الارض فيكون لك الملك ما بقيت ولعقبك من بعدك فقال لها عليهالسلام : من أنت حتى أخطبك من أهلك؟ قالت : أنا الدنيا قال : قلت لها : فارجعي واطلبي زوجا غيري فلست من شأني ، وأقبلت على مسحاتي وأنشأت أقول :
لقد خاب من غرته دنيا دنية |
|
وما هي أن غرت قرونا بطائل |
أتتنا على زي العزيز بثينة |
|
وزينتها في مثل تلك الشمائل |
فقلت لها غري سواي فانني |
|
عزوف عن الدنيا ولست بجاهل |
وما أنا والدنيا فإن محمدا |
|
أحل صريعا بين تلك الجنادل (١) |
وهبها أتتنا بالكنوز ودرها |
|
وأموال قارون وملك القبائل |
أليس جميعا للفناء مصيرنا |
|
ويطلب من خزانها بالطوائل (٢) |
فغري سوائي إنني غير راغب |
|
بما فيك من عز وملك ونائل |
فقد قنعت نفسي بما قد رزقته |
|
فشأنك يا دنيا وأهل الغوائل |
فإني أخاف الله يوم لقائه |
|
وأخشى عذابا (٣) دائما غير زائل |
فخرج من الدنيا وليس في عنقه تبعة لاحد حتى لقى الله محمودا غير ملوم ولا مذموم ثم اقتدت به الائمة من بعده بما قد بلغكم لم يخلطوا بشئ من بوائقها عليهالسلام أجمعين وأحسن مثواهم.
____________________
(١) في بعض نسخ الحديث « رهين بقفربين تلك الجنادل » والجنادل : الصخور.
(٢) جمع طائلة وهى العداوة.
(٣) في بعض نسخ الحديث « عتابا ».