أصلحت به مثواك فأنفق في حق ولا تكن خازنا لغيرك ، وإن كنت جازعا على ما تفلت من بين يديك (١) فاجزع على [ كل ] مالم يصل إليك واستدلل على ما لم يكن بما كان فإنما الامور أشباه ، ولا تكفر ذا نعمة فان كفر النعمة من ألام الكفر ، واقبل العذر ولا تكونن ممن لا ينتفع من الغطة إلا بما لزمه إزالته فان العاقل يتعظ بالادب ، و البهايم لا يتعظ إلا بالضرب ، اعرف الحق لمن عرفه لك ، رفيعا كان أو ضيعا ، واطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصبر وحسن اليقين (٢) من ترك القصد جار ، ونعم حظ المرء القنوع ، ومن شر ما صحب المرء الحسد ، وفي القنوط التفريط ، والشح يجلب الملامة ، والصاحب مناسب (٣) والصديق من صدق غيبة (٤) والهوى شريك العمى (٥) ومن التوفيق الوقوف عند الحيرة ، ونعم طارد الهموم اليقين ، وعاقبة الكذب الندم ، وفي الصدق السلامة ، ورب بعيد أقرب من قريب ، والغريب من لم يكن له حبيب ، لا يعد مك من شفيق سوء الظن ، ومن حم ظمئ (٦) ومن تعدى الحق ضاق مذهبه ، ومن اقتصر على قدره كان أبقى له ، نعم الخلق التكرم (٧) والام اللؤم البغي عند القدرة ، والحياء سبب إلى كان جميل ، وأوثق العرى التقوى ، وأوثق سبب أخذت به سبب بينك وبين الله
____________________
(١) أى ما تملص وتخلص من اليد فلم يمكن أن يحفظه. والمراد لا تجزع على ما فاتك فان الجزع على ما لم تصله ، فالثانى لا يجوز لانه لا يحصر فينال فالجزع عليه مذموم فكذا الاول.
(٢) العزائم جمع العزيمة وهى ما جزمت بها ولزمتها من الارادة المؤكدة الراسخة.
(٣) ينبغى أن يكون الصاحب كالنسبب المشفق ويراعى في المصاحب ما يراعى في قرابة النسب.
(٤) أى من حفظ لك حقك في ظهر الغيب.
(٥) يعنى في كونهما موجبين للظلال وعدم الاهتداء معهما إلى ما ينبغى من المصلحة.
وفى بعض نسخ الحديث « والهوى شريك العناء » والعناء الشقاء والتعب.
(٦) حم الرجل : أصابته الحمى وظمئ أى عطش. وفى بعض نسخ الحديث « من حمى طنى » يعنى من منع نفسه عما يضره نال العافية.
(٧) التكرم تكلف الكرم ، وتكرم عنه : تنزه.