النعمة لؤم. وصحبة الجاهل شؤم ، والعقل حفظ التجارب ، وخير ما جربت ما وعظك ومن الكرم لين الشيم.
بادر الفرصة قبل أن تكون غصة ، من الحزم العزم ، ومن سبب الحرمان التواني ليس كل طالب يصيب ، ولاكل راكب يؤوب ، ومن الفساد إضاعة الزاد. ولكل أمر عاقبة ، رب يسير أنمى من كثير ، سوف يأتيك ما قدر لك ، التاجر مخاطر (١) ولا خير في معين مهين ، لا تبيتن من أمر على غرر (٢) من حكم ساد ، ومن تفهم ازداد ، ولقاء أهل الخير عمارة القلوب ، ساهل الدهر ما ذل لك قعوده ، وإياك أن تجمح بك مطية اللحاج ، وإن قارفت سيئة فعجل محوها بالتوبة ، ولا تخن من ائتمنك وإن خانك ، ولا تذع سره وإن أذاعه ، ولا تخاطر بشئ رجاء أكثر منه واطلب فإنه يأتيك ما قسم لك ، خذ بالفضل وأحسن البذل ، وقل للناس حسنا.
وأي كلمة حكم جامعة أن تحب للناس ما تحب لنفسك؟ وتكره لهم ما تكره لها. إنك قل ما تسلم ممن تسرعت إليه أو تندم إن تتفضل عليه.
واعلم أن من الكرم الوفاء بالذمم ، والدفع عن الحرم (٣) والصدود آية المقت ، وكثرة العلل آية البخل ، ولبعض إمساكك عن أخيك مع لطف خير من بذل مع جنف ، ومن التكرم صلة الرحم ومن يرجوك أويثق بصلتك إذا قطعت قرابتك؟ (٤) والتحريم وجه القطيعة ، احمل نفسك مع أخيك عند صرمه على الصلة وعند صدوده على اللطف والمسألة ، وعند جموده على البذل ، وعند تباعده على الدنو
____________________
(١) أى بنفسه وماله. والمهين اما بضم الميم بمعنى فاعل الاهانة ولا يصلح لان يكون معينا فيفسد ما يصلح ، أو بفتحها بمعنى الحقير فانه أيضا لا يصلح لضعف قدرته. وفى النهج بعد هذا الكلام « ولا في صديق ظنين » والظنين ـ بالطاء : المتهم : ـ وبالظاد : البخيل.
(٢) الغرر ـ بالتحريك ـ المغرور به. وفى النهج « ولا تبين من أمر على عذر ».
(٣) الحرم ـ بضمتين ـ : جمع الحريم : ما يدافع عنه ويحميه.
(٤) قوله عليهالسلام ومن يرجوك استفهام ، أو عطف على قوله : « الرحم » يعنى صلة من يرجوك الخ. والتحريم من الصلة سبب لقطع القرابة.