نجا (١) أخر الشر فإنك إذا شئت تعجلته (٢) وأحسن إن أحببت أن يحسن إليك واحتمل أخاك على مافيه ، ولا تكثر العتاب فإنه يورث الضغينة ، ويجر إلى البغضة (٣) واستعتب من رجوت إعتابه ، وقطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل ، ومن الكرم منع الحزم (٤). من كابر الزمان عطب ومن ينقم عليه غضب (٥). ما أقرب النقمة من أهل البغي. وأخلق بمن غدر ألا يوفى له (٦).
زلة المتوقي أشد زلة. وعلة الكذب أقبح علة. والفساد يبير الكثير. والاقتصاد يثمر اليسير (٧) والقلة ذلة ، وبر الوالدين من كرم الطبيعة ، والزلل مع العجل ، ولا خير في لذة تعقب ندما. والعاقل من وعظته التجارب ، والهدى يجلو العمى. ولسانك ترجمان عقلك ، ليس مع الاختلاف أئتلاف ، من حسن الجوار تفقد الجار ، لن يهلك من اقتصد ، ولن يفتقر من زهد. بين عن امرء دخيله ، رب باحث عن حتفه (٨) لا تشترين بثقة رجاء ، ما كل ما يخشى يضر ، رب هزل عاد جدا (٩) من أمن الزمان خانه ، ومن تعظم عليه أهانه (١٠) ومن ترغم عليه أرغمه ، ومن لجأ
____________________
(١) توقى اى تجنب وحذر وخاف
(٢) قيل : لان فرص الشر لا تنقضى لكثرة طرقه وطريق الخير واحد وهوالحق.
(٣) البغضة ـ بالكسر ـ : شدة البغض.
(٤) الحزم : ضبط الامر واحكامه والحذر من فواته والاخذ فيه بالثقة وهنا بمعنى الشدة والغلظة.
(٥) عطب الرجل ـ كفرح ـ يعطب عطبا : هلك وفى بعض النسخ « من تنقم عليه غضب ».
(٦) الاخلق : الاجدر. يقال : هو خليق به أى جدير.
(٧) في بعض نسخ الكتاب « يدبر الكثير ». وفى بعض نسخ الحديث « يبيد الكثير والاقتصاد ينمى اليسير ».
(٨) بحث في الارض : حفرها. والحتف : الموت. وفى المثل « كالباحث عن حتفه بظلفه » يضرب لمن يطلب ما يؤدى إلى تلف النفس. وفى بعض نسخ الحديث « لا تشوبن ».
(٩) هزل في كلامه هزلا ـ كضرب ـ : مزح وهو ضد الجد.
(١٠) تنبيه على وجوب الحذر من الزمان ودوام ملاحظة تغيراته والاستعداد لحوادثه قبل نزولها واستعار لفظ الخيانة باعتبار تغيره عند الغفلة عنه والامن فيه فهو في ذلك كالصديق الخائن.