فيما تجمع وما ترعى به رعيتك. فأملك هواك ولتسخ بنفسك عما لا يحل لك ، فان سخاء النفس الانصاف منها فيما أحببت وكرهت (١). وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بالاحسان إليهم. ولاتكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم (٢) فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق ، تفرط منهم الزلل (٣) وتعرض لهم العلل ، يؤتي على أيديهم في العمد والخطأ ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك الله من عفو [ ه ] فانك فوقهم ووالي الامر عليك فوقك والله فوق من ولاك بما عرفك من كتابه وبصرك من سنن نبيه صلىاللهعليهوآله. عليك بما كتبنا لك في عهدنا هذا ، لا تنصبن نفسك لحرب الله ، فإنه لا يدي لك بنقمته (٤) ولا غنى بك عن عفوه ورحمته. فلا تند من على عفو ولا تبجحن بعقوبة (٥) ولا تسرعن إلى بادرة وجدت عنها مندوحة ، ولا تقولن إني مؤمر آمر فأطاع (٦) فإن ذلك إدغال في القلب ومنهكة للدين وتقرب من الفتن ، فتعوذ بالله من درك الشقاء. وإذا أعجبك ما أنت فيه من سلطانك فحدثت لك به ابهة أو مخيلة (٧) فانظر إلى عظم
____________________
(١) في المصدر « وشح بنفسك عما لا يحل لك فان الشح الانصاف منها فيما احببت و كرهت » وكذا في النهج.
(٢) الضارى من الكلاب : ما لهج بالصيد وتعوده أكله وأولع به أى السباع كالاسد والنمر.
(٣) تفرط : تسبق. والزلل : الخطأ. وأراد بالعلل الامور الصارفة لهم عما ينبغى من اجراء أو امر الوالى على وجوهها.
(٤) يعنى لا تخالف أمر الله بالظلم والجور فليس لك يد أن تدفع نقمته.
(٥) بجح كفرح لفظا ومعنى.
(٦) البادرة : حدة الغضب. والمندوحة : السعة والفسحة. والمؤمر ـ كمعظم ـ : المسلط.
والادغال : الافساد. والنهك : الضعف ونهكه أضعفه.
(٧) الابهة ـ بضم الهمزة وفتح الباء مشددة وسكونها ـ : العظمة والكبرياء. والمخيلة : الكبر والعجب.